بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 أيار 2019 12:52ص تخفيض الموازنة قصقصة ورق..!

حجم الخط
حركة العسكريين المتقاعدين المتنقلة من منطقة إلى أخرى، تجسّد حالة القلق وعدم الثقة، السائدة في أوساط موظفي الدولة، المدنيين منهم والعسكريين، بعدما أيقنوا أن التخفيضات في الرواتب والتقديمات ستنال من لقمة عيشهم، بحجة العمل على تخفيف العجز في الموازنة، في حين يبقى أصحاب الشركات الكبيرة، وما يسمي «حيتان المال» والمعتدين على الأملاك البحرية، بمنأى عن أي تدابير تقشفية!

الإشكالية الأكبر التي تعرقل الوصول إلى حلول جذرية للعجز المالي المتفاقم تكمن في اقتصار المناقشات الدائرة على تخفيض أرقام بعض النفقات الثانوية من هنا، وإعادة النظر برواتب وتقديمات صغار الموظفين والعسكريين، من دون الوصول إلى أساس المشكلة المتمثلة بهذا الكم من الفساد الذي يحيط بالمرافق والخدمات الأساسية، بدءاً بالكهرباء والنفايات، وصولاً إلى الجمارك والمرافئ وتجارة الفيول والمشتقات النفطية، التي تكلف خزينة الدولة مليارات الدولارات سنوياً.

ما يجري حالياً في مجلس الوزراء هو مثل «قصقصة الورق»، دون وجود رؤية اقتصادية أو تنموية تحدد مواطن الهدر، وتعمل على تعزيز القطاعات الإنتاجية، وتسعى لتكبير حجم الاقتصاد الوطني، في إطار العمل على تنمية موارد الخزينة المالية.

تخفيض الرواتب ووقف التقديمات والحد من الإنفاق، لا تكفي وحدها للخروج من نفق الأزمة المالية الخانقة، إذا لم تقترن بقوانين وتشريعات تحفز الاقتصاد الوطني، وتُعيد الدعم إلى القطاعات المنتجة، بما فيها القروض السكنية الميسرة، لإعادة تحريك أهم مرفق تجاري وعمراني في البلد.

مرة أخرى، تخفيض الرواتب ليس هو الحل، والأجدى البحث في وقف الإنفاق غير المجدي، ومكافحة الفساد في الصفقات والسمسرات، وتخفيض مخصصات الرئاسات الثلاث ورواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، والأخذ بعين الاعتبار أحوال النواب السابقين المحتاجين لمثل هذه التقديمات، التي تم تعميمها عشوائياً أيام البحبوحة قبل الحرب، والتي يتركها اليوم العديد من النواب السابقين لمرافقيهم وسائقيهم!

من حق العسكريين وصغار الموظفين والمعلمين التعبير عن غضبهم من السياسات المالية المتبعة، والتي تحاول أن تُحمّل أصحاب الدخل المحدود والطبقة الوسطى أعباء تخفيض ارقام الموازنة، رغم كل ما نسمعه من بعض المسؤولين من كلام لا أساس له من الصحة!