المملكة العربية السعودية على موعد اليوم مع تظاهرة لبنانية وطنية شاملة، من نوع آخر، تجمع كل الأطياف السياسية والحزبية على إختلاف إتجاهاتها وتعدد ألوانها، ولكن لا علاقة لها بالإشتباكات السياسية وتداعياتها السلبية.
هي تظاهرة حضارية فريدة من نوعها، لأنها تضم كل المظاهر السامية للحضارة، من شخصيات وعناصر ثقافية وفكرية وأكاديمية وفنية وإبداعية، إستطاع السفير السعودي وليد بخاري، أن يجعل منها باقة منسجمة الألوان، متنوعة الأفكار، وتفوح منها روائح الثقافات الإنسانية الأصيلة.
الأبعاد الحضارية والثقافية لهذه التظاهرة التي ستشهد إفتتاح المهرجان الأول لشتاء طنطورة، في منطقة العلا السعودية، القريبة من المدينة المنورة، تتجاوز هذه المناسبة الكبيرة، على أهميتها، لتكون بداية صلبة لعودة النشاط الثقافي والفني والإبداعي بين لبنان والسعودية، إلى ما كان عليه من ديناميكية وحيوية طوال عقود من الزمن، قبل مرحلة الخمول التي سيطرت على العلاقات الثقافية بين البلدين في السنوات الأخيرة.
الواقع أن إختيار المسؤولين السعوديين عن تنظيم المهرجان للفنانة الكبيرة والقديرة ماجدة الرومي، لتكون النجمة المتألقة في الليالي الأولى لمهرجان شتاء طنطورة، قد حمل أكثر من مؤشر عن إستعداد الإشقاء السعوديين لإعادة وصل ما أنقطع مع الحركة الثقافية اللبنانية، وتعزيز التفاعل مع النشاطات العربية المماثلة، خاصة وأن مرحلة الإنفتاح التي تعيشها المملكة في عهد الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تشمل بطبيعة الحال الحركة الثقافية السعودية ورموزها الفنية والإبداعية.
ويعتبر مهرجان شتاء طنطورة الثقافي في منطقة العلا، حلقة في سلسلة مهرجانات وفعاليات ثقافية وفنية ورياضية وترفيهية، إنطلقت من الرياض وجده ومدن أخرى، كان آخرها سباق «الفورمولا E» في الدرعية، ويوليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إهتماماً خاصاً، لأنها تشكل الجانب الإنساني من رؤيته التنموية 2030، التي من المتوقع أن تنقل الواقع الإقتصادي والحياة الإجتماعية في السعودية إلى عصر جديد.