بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 حزيران 2020 08:04ص «توزيع» الدولارات إستنزاف عشوائي!

حجم الخط
مشاهد الحشود المكدسة أمام محلات الصرافين، تُجسد حالة الضياع والتخبط والعجز التي تهيمن على المعالجات الرسمية لأخطر الأزمات التي تعصف بلبنان منذ فجر الإستقلال.

 لم يسبق أن حدث في البلدان التي تعرضت لمثل هذه الأزمات المالية والنقدية، أن جازفت بما تبقى في البنك المركزي من إحتياطات مالية، وطرحت في الأسواق بمثل هذه العشوائية ملايين من الدولارات لتذهب نهباً لتجار السوق السوداء، ويتلاشى مفعولها خلال بضع ساعات فقط.

 لا ندري كيف وافق حاكم مصرف لبنان على مثل هذه الخطوة الإرتجالية، التي زادت سعر الصرف إرباكاً، ورفعت نسبة الإستنزاف للعملة الوطنية، من خلال مضاربات مكشوفة، شارك فيها مئات المواطنين طمعاً بربح سريع وفوري لا يتجاوز المائتي ألف ليرة، في حين مضاعفات هذه الخطوة على تراجع سعر صرف الليرة تصيب هؤلاء الطامعين بالمكسب الفوري، لأن أسعار المواد الغذائية والحاجيات الضرورية، ترتفع بنسب أكبر من هذا الربح العابر.

 لو تم ضخ هذه الملايين إلى البنوك لتسهيل حصول المودعين على حاجاتهم من ودائعهم، لكانت النتائج أكثر واقعية وإيجابية على الحركة الإقتصادية والتجارية، التي تعاني من ركود قاتل، يهدد مئات المؤسسات بالإفلاس، وآلاف العمال بالتشرد في مجاهل البطالة والفقر.

 ماذا يضمن أن عشرات الملايين التي يتم ضخها بهذه الطريقة العرجاء، ستبقى في الداخل اللبناني، ولا يتم تهريبها إلي سوريا مثلاً، أو أي بلد آخر؟

ما فائدة حصر الدولارات النقدية في أيدي الصرافين، الذين أصبحوا يعملون مثل المفاتيح الإنتخابية على الهوية: إعطينا صورة عن هويتك وخذ ٢٠٠ ألف ليرة لبنانية؟

بأي حق، وبأي منطق يُحرم أصحاب الوادئع من أموالهم في المصارف، ويتم «توزيع» عشرات الملايين يومياً بهذه الأساليب الفوضوية، التي أنعشت السوق السوداء، ولم توفر السيولة اللازمة بالدولار لمن يحتاجها من أرباب العمل والتجار؟

يبدو أننا نعيش في زمن الدولة المفلسة ليس من المال وحسب، بل من المنطق والخبرة والرؤية والإدارة الحكيمة والحكم الرشيد، ومن كل ما له علاقة بإدارة الأزمة!