بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 أيلول 2020 07:19ص جماعات لصوصية وسلطة متلاشية..!

حجم الخط
من المظاهر المستجدة لغياب الدولة وعجزها عن تلبية حاجات المواطنين المنكوبين في الأحياء المدمرة من بيروت، هذا الإنتشار المتسارع لما يُدعى «جمعيات المجتمع المدني»، والتي تكاثرت كالفطريات إثر كارثة الرابع من آب، بحجة مد يد العون والمساعدة في ظل التقصير المتمادي للسلطة الفاسدة.

 لا شك أن مجموعات الشباب والصبايا التي تدفقت إلى شوارع الجميزة ومارمخايل لعبت دوراً وطنياً وإنسانياً مشهوداً، في تجسيد مشاعر التضامن مع العائلات المتضررة، وفي الإسراع في رفع الأنقاض والركام، في وقت كانت أجهزة السلطة المعنية في حالة عجز وضياع، من البلديات إلى وزارة الأشغال إلى مؤسسة إدارة الأزمات، التي تبدو وكأنها موجودة على الورق فقط، وموظفوها يتقاضون رواتبهم الشهرية على آخر بارة!

كما أن خيم المساعدات الغذائية، وتلك التي قدمت المساندة الطبية والنفسية لمئات المصابين والمصدومين في الأشرفية والجميزة ومارمخايل، كان لها حضور مؤثر في التخفيف من معاناة الناس وآلامهم، فيما كانت وزارة الصحة والمؤسسات الصحية الرسمية الأخرى في سبات عميق، وكأن تداعيات الإنفجار الزلزالي الرهيب لا تعنيها، لا من قريب ولا من بعيد.

 ولكن اليوم، وبعد أربعين يوماً على وقوع الكارثة، لم تعد المعالجات بالمسكنات الفورية كافية، مثل توزيع ربطات الخبز أو تأمين وجبات طعام باردة، خاصة مع إستمرار التقصير الفادح من قبل الدولة والدوائر الرسمية المعنية في إزالة آثار الدمار، وإطلاق عمليات الترميم.

 الإشكالية الأساس تكمن في دخول جماعات من الانتهازيين والمنتفعين والمتاجرين بآلام الناس على خط عمليات الإغاثة وتقديم المساعدات، سعياً للإستفادة الرخيصة والوضيعة من المتبرعين، سواء بالمال، أم بالمواد العينية، والهروب بما يحصلون عليه من إلتزاماتهم تجاه المتضررين.

 والمشكلة الأكبر أن دولتنا العلية مستقيلة من مهماتها وواجباتها، وتاركة الحبل على غاربه لمثل هذه الممارسات اللصوصية، دون محاسبة أو مساءلة، ولا حتى بلا حد أدنى من المتابعة والتنسيق، لتكون الدوائر المعنية محيطة بما يجري على أرض الواقع، وردع المتلاعبين بأموال المتبرعين وسرقة حقوق المتضررين. لقد توالت، مؤخراً،صرخات أصحاب البيوت المهدمة والمتضررة ضد الجمعيات واللجان الوهمية، التي تكتفي بتصوير الأضرار، ثم تختفي عن العيون بعد الحصول على ما تيسر من أموال ومساعدات..، ولكن لا حياة لمن تنادي في سلطة فاسدة ومتلاشية، وفي دولة تحاصرها الإنهيارات من كل حدب وصوب!