بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تشرين الأول 2023 12:06ص حساسيَّات النزوح قنبلة موقوتة ..

حجم الخط
يثير التصعيد العسكري المستجد في سوريا، موجات مضاعفة من الحذر والقلق في لبنان، سواء على صعيد إستمرار تدفق النازحين من المناطق المشتعلة، أو بالنسبة لتداعيات إحتدام الإشتباك الدولي ــ الإقليمي في سوريا على الأوضاع اللبنانية المتدهورة أصلاً. 
التطورات السورية الجديدة تتطلب تحركاً لبنانياً عاجلاً، على أكثر من جبهة، لتخفيف المضاعفات المربكة على الداخل اللبناني، والحد من تفاقمات النزوح السوري، الذي بدأ يتحول إلى كابوس أمني في بعض المناطق، خاصة في الأحياء المسيحية، على نحو الهمروجة التي حصلت ليل أول أمس في منطقة الدورة، وأسفرت عن سقوط جرحى من الشبان اللبنانيين والسوريين. 
لا يجوز إستمرار هدر الوقت بنقاشات سياسية عقيمة، والسلطة مكتفية بالتفرج، ومبرّرة عجزها بالرفض الأوروبي والأممي  لعودة السوريين إلى بلادهم، فضلاً عن تمنع الحكومات الأوروبية ومنظمات الأمم المتحدة عن تقديم المساعدات اللازمة إلى لبنان، بحجة عدم الثقة بالمنظومة السياسية الفاسدة. فكانت النتيجة أن تحمّل البلد المفلس أعباء النزوح السوري على أرضه، والتي تُقدر بحوالي ٣٩ مليار دولار حتى اليوم. 
إن التدابير التي بدأت بعض البلديات إتخاذها في القرى والأحياء المسيحية بالذات، من شأنها أن تزيد أجواء الحساسيات توتراً، وتؤسس لحالات من الحقد والكراهية، ما يجعل منها قنبلة موقوتة، يمكن إنفجارها أن يخرج عن السيطرة بمجرد إندلاع الشرارة الأولى، لسبب أو لآخر.  
إن تفادي الوصول إلى مرحلة من الصدامات الدموية المريرة بين اللبنانيين والسوريين ، يتطلب خطة عاجلة لتنظيم إقامة السوريين، وتحديد مجالات العمل التي يمكن أن يقوموا بها، وفرض الحصول علي رخص مسبقة لفتح المحلات والدكاكين، بحيث لا تشكل مزاحمة غير مشروعة لأصحاب المهن المشابهة من اللبنانيين. 
 وعلى الدولة اللبنانية أن تفرض على المنظمات الدولية والأممية التي تقدم مساعدات مالية نقدية أو عينية للنازحين للسوريين، أن تراعي بتوزيع مساعداتها سكان البيئات الحاضنة للمخيمات السورية، سواء في الشمال أو في البقاع والمناطق الأخرى، وذلك في إطار الخطوات الهادفة لتجنب تفاقم الحساسيات بين الطرفين، ولتطويق نقمة اللبنانيين على الإمتيازات التي يحصل عليها النازح السوري في الإعاشة والطبابة وفرص العمل، في حين تُعاني تلك البيئات الفقيرة من فقر مدقع، وحرمان مزمن، وإهمال متمادٍ من إدارات الدولة، ومن المنظمات الدولية والأممية. 
لبنان عاجز عن تحمل أعباء النزوح السوري، وتداعياته المدمرة على الأوضاع الداخلية، ولكن على السلطة المرتبكة أن تخرج من دوائر العجز والإرباك، إلى إستنفار علاقات لبنان العربية والدولية للحصول على المشاركة الضرورية في تحمل هذه الأعباء، قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة، وحصول الإنفجار الرهيب.