بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 آذار 2019 12:02ص حكايات من دبي (6) إنقلاب على الاتحاد..

حجم الخط
في أجواء هزيمة حزيران ١٩٦٧ المدوية، وفي خضم الزلزال الوجداني الذي أصاب الأمة العربية بوفاة الزعيم جمال عبد الناصر في أيلول ١٩٧٠، استطاع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أمير أبوظبي الذي لمع نجمه بسرعة في فضاء العمل القومي العربي، أن يبعث الأمل من جديد في شرايين الأمة، عبر نجاحه في تحقيق خطوة اتحادية جبارة، جمعت الإمارات السبع المنتشرة على الخليج العربي، معلناً قيام «دولة اتحاد الإمارات العربية المتحدة».
تلقت التيارات والأحزاب العروبية الإنجاز التاريخي للشيخ زايد بشيء من الحذر، قياساً على تجارب وحدوية سابقة لم يُكتب لها النجاح، سواء بين مصر وسوريا عام ١٩٥٨، أو بين مصر وسوريا والعراق، ولا حتى بين مصر وليبيا والسودان، فضلاً عن الإجهاض المبكر لتجربة الاتحاد المغاربي الذي جمع بين ليبيا والمغرب وتونس والجزائر.
تعرضت دولة الاتحاد الوليدة لامتحان صعب بعد أقل من شهرين من إعلانها، وذلك عبر انقلاب دموي في إمارة الشارقة، قُتل خلاله حاكم الإمارة الذي وقّع على وثيقة الاتحاد الشيخ خالد بن محمد بن صقر القاسمي، وحاول الانقلابيون إعلان خروج الشارقة من دولة الاتحاد.
كان الشيخ زايد حاسماً ومتشدداً في إنهاء هذا التمرّد والقضاء على الانقلاب بأسرع وقت ممكن، وكلّف وزير الدفاع في الدولة الاتحادية الشيخ محمد بن راشد باتخاذ ما يلزم لإنهاء هذه الحركة بأسرع وقت ممكن.
تبين للشيخ محمد أن قائد الانقلاب هو حاكم الشارقة السابق الشيخ صقر بن سلطان بن صقر القاسمي، المعروف بعلاقاته مع القوميين العرب، فزادت الهواجس بأن تكون للانقلاب أبعاد خارجية ودعم من خارج الإمارة، لذلك كانت توجيهات الشيخ زايد بإنهاء الموضوع قبل حصول تدخلات خارجية، أو وصول إمدادات للانقلابيين من أي طرف يؤيّد حركتهم.
وكان أن وصل الشيخ محمد إلى محيط القصر وحاصره بما توفر من قوات بانتظار وصول القوات العسكرية المجهزة للتدخل، ودخل بتفاوض مباشر مع قائد الانقلاب الشيخ صقر، وكانت قواته أحكمت حصارها للموقع، وأعطاه مهلة دقائق للاستسلام والخروج مع جماعته من المبنى. وبالفعل خرج صقر ونجله سلطان وأعوانه، وتم تجريدهم من أسلحتهم، وأُحيلوا لولي الأمر الشيخ زايد لإنزال ما يستحقونه من عقوبة.
يُنهي الشيخ محمد روايته لهذه التجربة القاسية بقوله: التقيت الشيخ زايد بعد إنهاء الانقلاب وهو في سيارته، أعطاني بيده تمرات وفنجان قهوة، وكأنه يقول لي: أنت.. أنت يا محمد..
...وكان أن استمرت دولة الاتحاد حتى اليوم، وما زالت تُعتبر من أنجح التجارب الوحدوية في التاريخ العربي المعاصر!

(غداً: في بلاط ملك الملوك!)