بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2019 12:00ص حكايات من دبي (7) في بلاط ملك الملوك

حجم الخط
لم يكن سهلاً على الشاب القادم من عمق الصحراء أن يستوعب أسباب كل تلك العظمة والهالة الأسطورية التي كان شاه إيران يُحيط نفسه بها، ويسمي نفسه «الأمبراطور» أو «ملك الملوك»، «الشاهنشاه»، وعرشه هو عرش الطاووس.
كان الشيخ محمد بن راشد في الحادية عشرة من عمره، عندما رافق والده الشيخ راشد في زيارة إلى إيران، وشاهد ذلك العالم الغريب عن الحياة البسيطة والمباشرة التي كان يعيشها والده مع أهالي دبي، بعيداً عن مظاهر العظمة والحواجز التي تفصل بين الأمبراطور وشعبه. ولكن عندما حضر احتفالات ذكرى مرور ٢٥٠٠ سنة على تأسيس الأمبراطورية الفارسية، استوعب حالة الانفصام التي كان يعيشها شاه إيران مع شعبه الذي كانت الأكثرية الساحقة منه، تعيش على خط الفقر، في وقت أنفق ١٠٠ مليون دولار على حفل أسطوري في مدينة برسبولس الأثرية الإيرانية.
«دعا الشاه الملوك والرؤساء من كل بقاع الأرض، يقول الشيخ محمد، غطت ٥٩ خيمة أكثر من ١٦٠ فداناً، تتوسطها ثلاث خيم ملكية ضخمة في حديقة لا مثيل لها، تم إنشاؤها خصيصاً للحفل. أعد الطهاة الفرنسيون صدور طواويس، وضعت في أوانٍ من خزف الليموج، والكؤوس من باكارا، فيما ألوف الجنود ارتدوا الملابس التاريخية الإيرانية ليرسّخوا مظاهر الفخامة والأبهة الملكية».
المفارقة التي لم تغب عن بال الشاب القادم من صحراء دبي وهو في طريقه إلى مدينة الاحتفال، مشاهد تلك القرى الإيرانية الفقيرة التي لا توجد فيها كهرباء، فيما الأمبراطور يعيش في حياة بذخ وترف، ويُنفق الملايين على احتفال دام بضعة أيام.
توجّس الشيخ محمد مما شاهده من تناقضات مدمرة لأعتى الأنظمة، وراح يقارن بين أسلوب والده الشعبي والقريب من الناس، والمتابع لهموم مواطنيه، وبين الفوارق الفلكية التي كانت تفصل الشاه عن معاناة شعبه.
«بعد هذا الاحتفال الضخم بثماني سنوات فقط، يقول الشيخ محمد، سقط «ملك الملوك» عن عرش الطاووس باضطرابات وتظاهرات في بلده، انتهت بثورة ركبها الملالي وسمّوها ثورة إسلامية. غادر الشاه بلاده، ليحل ضيفاً ثقيلاً على بعض الدول، فيما رفض العديد من الدول الأخرى، بما فيها معظم دول أوروبا، استقباله، وانتهى به المطاف في مصر»!