نجاح دبي السريع، وازدهارها الباهر خلال سنوات معدودات، جعلها ليس قبلة السيّاح والمستثمرين وحسب، بل دفع العديد من حكام وقادة المنطقة العربية، إلى البحث عن إمكانية نقل تجربة المدينة الساحرة إلى بلادهم!
يكشف الشيخ محمد بن راشد، في كتابه الجديد «قصتي»، كيف اتصل به العقيد القذافي ذات يوم، قائلاً له أنه يريد بناء دبي جديدة في ليبيا، تكون عاصمة اقتصادية للقارة الأفريقية.
أرسل حاكم دبي أحد أقرب مساعديه، محمد القرقاوي، إلى ليبيا ليطلع من القذافي على تفاصيل طلبه، واستطلاع القدرات التنفيذية المتاحة. بعد ترتيبات لا تخلو من مظاهر استعراضية اشتهرت بها جماعة القذافي، بدأ حديثه الأخير بالتأكيد على إعجابه بتجربة الشيخ محمد في دبي، ورغبته بتحويل منطقة مطار معيتيقة إلى عاصمة حضارية لأفريقيا، مشيراً لضيفه إلى أنه محاط بفريق يُخفي عنه الحقائق، إما عن خوف أو عن رغبة، ومشدداً على أهمية مساهمة دبي ومؤسساتها في الاستثمارات الجديدة.
ذهب محمد بن راشد إلى طرابلس، بعد عودة موفده، ملبياً دعوة القذافي، ووجد طرابلس مدينة جميلة «رابضة في قلب التاريخ». ولكن صدمته كانت كبيرة عندما ذهب إلى المدينة القديمة وشاهد حجم الإهمال والتردّي الذي تغرق فيه: مجاري مفتوحة على الطرقات، نفايات مرمية في الشوارع، و«كل ما فيها يشعرك بالحزن»!
اللقاء مع القذافي لم يكن مشجعاً، لأن الرجل يسترسل في الحديث وحده، ويطرح وجهات نظره ومواقفه بعصبية وعناد. وانتهت الزيارة من دون الاتفاق على التعاون «لأننا أدركنا أننا ندور في حلقة مفرغة، والأجواء ملبدة بغيوم الفساد، وأننا سنكون بروباغندا في منظومته الدعائية».
ويختم الشيخ محمد حديثه عن زيارة ليبيا: «لم يكن القذافي يريد التغيير، كان يتمنى التغيير. التغيير لا يحتاج خطابات بل إنجازات، والتغيير لا يمكن أن يحدث مع حجم الفساد الذي رأيناه. التغيير بحاجة لبيئة حقيقية يساهم فيها الشعب بكل شرائحه وإمكانياته، لإحداث التغيير الإيجابي المنشود».
ترى... ألا ينطبق هذا الكلام على ما نحن نتخبّط فيه في لبنان، بحجة مكافحة الفساد، وإحداث التغيير المطلوب في هذا الواقع السياسي المهترئ؟
غداً: مطار في دبي.. لا مستحيل.