بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الأول 2023 12:05ص رعاع.. ومخربون!

حجم الخط
ثمة تقصير فادح من الأحزاب والجمعيات والهيئات التي تدعو للتظاهر تضامنا مع غزة، وإستنكاراً لحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وذلك في تنظيم الحراك الشعبي، ومسار الإحتجاجات، وحمايتها من عناصر الشغب والتخريب، التي لا تمت إلى القضية الفلسطينية بصلة، ولا همّ لها سوى الإعتداء على الأملاك العامة والخاصة، والإصطدام مع الجيش والقوى الأمنية، وإشاعة الفوضى في الشارع، مما يؤدي إلى هروب المتظاهرين، وإجهاض أهداف الإحتجاجات الشعبية.  
فقد إعتدى مجموعة من الرعاع المخربين على المؤسسات التجارية والمحلات والأملاك العامة في منطقة عوكر، خلال التظاهرة الحاشدة التي كانت تندد بالدعم الأميركي الأعمى للعدوان الإسرائيلي على غزة. فكانت النتيجة أن أكثرية المتظاهرين، من نخب حزبية ومواطنين أضطروا للإنسحاب من التظاهرة، تفادياً للإصطدام بالقوى الأمنية، وتجنباً لوصول خراطيم المياه إلى حيث كانوا يقفون. 
وحصل توتر بين المشاغبين وأهالي المنطقة، الذين حاولوا الدفاع عن المؤسسات التي تعرضت للنهب والحرق، ظلماً وعدواناً، رغم أن أصحابها كانوا تفاعلوا مع المتظاهرين، وأيدوا الشعارات التي كانوا يحملونها في نصرة أهالي غزة. 
وما حصل أول أمس في الجامعة الأميركية في بيروت من شباب الشغب والتخريب تجاوز كل الخطوط الحمر، وأساء إلى قضية عزة وأهلها، وكأن ثمة أيادي خفية تُحرّك هؤلاء الرعاع لتشويه الإجماع الوطني النادر في لبنان، على إدانة وإستنكار ما يتعرض له أهل غزة من قصف وتنكيل الآلة الحربية الإسرائيلية المتغطرسة. 
ثمة فارق كبير، تاريخي وشبه دائم، بين دور الجامعة الأميركية في بيروت، والسياسة الخارجية الأميركية المؤيدة دائما للعدو الصهيوني. من الجامعة خرجت الحركات القومية العربية، وفي مقدمتها جمعية» العروة الوثقى»، برعاية نخبة من الأساتذة والمفكرين اللبنانيين والعرب، ومن الجامعة إنطلقت التيارات التنويرية التي قادت موجات الحداثة في علوم الفلسفة والثقافة والإجتماع، ومن كليات الجامعة خرجت أجيال من النخب اللبنانية والعربية التي تولت أهم المسؤوليات في بلدانها، وساهمت في عمليات النهوض الإقتصادي والعمراني والإجتماعي في بلدانها. 
أما دور كلية الطب والمستشفى الجامعي الملحق بها، فكان له الباع الأطول في جعل لبنان مستشفى العرب طوال عقود من القرن الماضي، ومازال حتى اليوم يُعتبر من المراكز الطبية الأولى في الشرق الأوسط، بما يضم من كفاءات علمية وخبرات طبية، تحتل مكانة مميزة في المحافل الطبية العالمية. 
القبارصة يرحبون ويهللون لإفتتاح فرع للجامعة الأميركية في بيروت في بلدهم، ونحن نترك للمشاغبين والمخربين ورعاع القوم أن يعتدوا على أهم صرح علمي في لبنان، وكان لوجوده الأثر الأكبر في تحريك ديناميكية ظهور المؤسسات التربوية والجامعية لاحقاً، بدءا بالمدارس الكاثوليكية والجامعة اليسوعية، وصولاً إلى قيام مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية. 
إلى متى يبقى الشارع رهينة الرعاع والمخربين؟