بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الثاني 2020 12:02ص سلطان الحكمة.. «أفضل حاكم عالمي»

حجم الخط
كان سلطاناً بحكمته، متبصراً في تقكيره، محباً لشعبه، متواضعاً مع قومه، متفاعلاً مع طموح الشباب، شجاعاً في حماية وطنه، ومقداماً في خدمة أمته.

 إستطاع أن يجمع بين التراث والحداثة في بناء بلد، إستلمه مجموعة أشلاء، مزقته حروب الآخرين، وزرعت الفتنة بين أطرافه، وأقتصر التعليم فيه على مدارس لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، ولم تكن فيه مستشفيات مجهزة، والطرقات شبه معبدة، ومبنى المطار مختصر بهنكارين، ولا مقومات الحد الأدنى لكيان دولة في أواسط القرن العشرين.

 خاض السلطان الشاب معارك البناء والإنماء والتحديث بمشروع رؤيوي، وبعزيمة صلبة وإرادة حديدية، بدأت بعزل المؤثرات والتدخلات الخارجية عن الداخل العماني، وأطفأ نيران الحرب والفتن، وأطلق ورش العمل بسرعة دون تسرع، وحقق مجموعة نقلات نوعية في البنية الإنسانية والوطنية، ونهضة عمرانية غير مسبوقة في تاريخ السلطنة، وكانت السلطنة سباقة في المنطقة ببناء دار أوبرا وتكوين فرقة متخصصة بالموسيقى الكلاسيكية، تقيم حفلات مبرمجة، إلى جانب إحيائها للمناسبات المحلية والعالمية.

 وأضحى جامع السلطان قابوس في العاصمة مسقط، من المعالم الإسلامية المميزة في العالم، حافظت هندسته على جماليات الطابع الهندسي الأندلسي، مع بصمات عصرية في التجهيز والتأثيث.

 الواقع الجغرافي لسلطنة عُمان شبيه بحالة لبنان، حيث يقع البلدان في محورين متوترين، ولكن السلطنة إستطاعت عزل هذه التوترات عن الداخل، وحققت حقبة طويلة ومتينة من الإستقرار، وإنصرفت قيادتها إلى تعزيز الوحدة الوطنية، وتحقيق النهضة الشاملة، في حين بقي لبنان أسير الصراعات والتدخلات الإقليمية، ولم يستطع التخلص من الضغوط الخارجية.

 حضور السلطنة في لبنان يتميز بثلاثة مشاريع حضارية ثقافية تشجع على الإنفتاح والحوار وتغليب العقل والحكمة في معالجة الخلافات.

 المشروع الأول بكلفة ٢٥ مليون دولار لتمويل إنشاء مجمع ثقافي لبناني عُماني في بيروت، والثاني التبرع بـ ١٥ مليون دولار ثمن أرض لإنشاء جامعة بيروت التابعة لدار الفتوى، والثالث إنشاء مركز لحوار الثقافات والأديان وقاعة للمؤتمرات متعددة الإستعمالات بكلفة وصلت إلى ٩ ملايين دولار.  المشروع الأخير تم إنجازه في مواعيده المحددة، أما المشروعان الآخرآن فما زالا خرائط على الورق! 

كان السلطان قابوس نموذجاً فريداً بين الحكام، وإستحق عن جدارة لقب «أفضل حاكم عالمي»!