بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 أيار 2019 12:00ص شهر رمضان بين المآدب والمسلسلات..!

حجم الخط
لا يجوز اختصار قِيَم شهر رمضان المبارك بظاهرتين استهلاكيتين مسيئتين لمعاني وحكم شهر العبادة والغفران.

الظاهرة الأولى تفشي «موضة» المآدب الرمضانية، طوال أيام الشهر المبارك، وبشكل متزايد عاماً بعد عام، وبمعدل يزيد عن الخمسة إفطارات يومياً، ينتهي معظمها، إذا لم يكن كلها، برمي عشرات أصناف الطعام في صناديق القمامة، فيما عشرات الألوف من البشر لا يحصلون على ما يُقيت أطفالهم، ويسد رمقهم، بعد يوم الصيام.

الواقع أن هذه الظاهرة مستجدة على المجتمع اللبناني منذ الربع الأخير من القرن الماضي، وكانت تقتصر على عدد محدود من الجمعيات الكبيرة، ولكن انتشارها تضاعف في الفترة الأخيرة، واتخذت طابع التسابق بين الجمعيات، من دون أي تنسيق لتفادي تضارب الإفطارات في اليوم الواحد.

في حين كان السائد قبل هذه «الموضة»، أن يقصد أصحاب الزكاة مقرّات الجمعيات والمؤسسات التي ينوون مساعدتها، ويقدمون ما فيه النصيب، من دون أن تدري يدهم اليسرى ماذا فعلت اليد اليمنى!

اليوم تطير معظم عائدات الزكاة والصدقات بين كلفة المآدب في الفنادق، والنفقات التحضيرية اللازمة، من زينة للقاعات والطاولات، ومطبوعات، وأجر العاملين في التنظيم والتنفيذ، ولا يبقى من المال إلا النزر اليسير!

الظاهرة الاستهلاكية الثانية «طفشت» في الليالي الرمضانية عبر المسلسلات التلفزيونية، التي تسجل تراجعاً في التأليف والتمثيل والإخراج، ولا علاقة لموضوعاتها بالشهر الفضيل، بل لعل العكس هو الصحيح، حيث تتناقض سيناريوهات الأكثرية الساحقة منها، مع تعاليم وتقاليد الشهر الفضيل، خاصة عندما يتحوّل جسد المرأة في معظمها إلى تجارة رائجة لشد المزيد من المشاهدين الغرائزيين.

 لقد اختفى في السنوات الأخيرة نجوم الصف الأول، وغابت الموضوعات والقضايا التي لها علاقة بمجتمعاتنا الشرقية، واقتصرت مسلسلات آخر زمان على قصص تتراوح بين حكايات غرامية درامية سطحية، لا تخلو من تعنيف متزايد للمرأة، وبين روايات مستمدة من مراحل بائدة، كان العنف فيها هو وسيلة حسم الخلافات، سواء في العائلة الواحدة، أو القرية الواحدة!

المفارقة أن مثل هذه الظواهر السلبية تنمو وتتكاثر، فيما دور المؤسسات الدينية والمساجد يتراجع، إزاء تمدد التيارات المنغلقة والمتطرفة في أوساط الشباب المتعطش للثقافة الدينية، التي أهملها أهل العلم والاعتدال!