بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الثاني 2019 06:10ص شهيدا وطن

حجم الخط
البلد ينزلق إلى مهاوي العنف، الدم يجري في الشوارع، نيران الفتنة تهدد شعارات الثورة الوطنية الشاملة، الرصاص يُسكت هتافات الشباب، والفوضى الأمنية تُعجل سقوط السقف فوق رؤوس الجميع.

بالمقابل... المسؤولون ما زالوا أسرى مواقفهم ومصالحهم، العناد قضى على كل إمكانيات التفاهم، الإنكار للوقائع الجديدة يحجب رؤية الحقائق والمخاطر، المناورات الخبيثة تُضاعف حجم الفرص الضائعة، سوء إدارة السلطة وما ولدته من أزمات كرست إفلاس الطبقة السياسية، والفراغ الحكومي ينهش بما تبقى من سلطة الدولة، وموعد الإستشارات النيابية ما زال في عالم الغيب وكأن البلد لا يقف على حافة حرب أهلية جديدة.

هذان المشهدان المتناقضان يرسمان ملامح الصورة القاتمة التي تحيط بلبنان، وهو يتخبط في أسوأ أزمة سياسو-إقتصادية، أدت إلى إندلاع شرارة الإنتفاضة التي فاجأت الداخل والخارج بإنتشارها السريع في مختلف المناطق اللبنانية، مجتاحة الحواجز الطائفية والمناطقية والحزبية، ومطلقة أقوى حراك عرفه الشارع ضد فساد الطبقة السياسية، ومطالبة بالإصلاحات التي تُعيد للإنسان اللبناني حقه بحياة كريمة في وطنه، وتوفر له الضمانات المعيشية البديهية لكل مواطن.

الفراغ الرهيب الذي خلفته السلطة في تخاذلها وترددها في إستيعاب الحراك الوطني المستمر منذ أربعين يوماً، أدى إلى ظهور الشارع الآخر الذي لم تنخرط قياداته في الإنتفاضة، بل هي كانت مستهدفة مع القيادات السياسية الأخرى في الحملات ضد الفساد والمطالبة في التغيير.

المواجهات المشتعلة بين الشباب في الشارع تتحمل مسؤوليتها هذه السلطة العاجزة عن إدارة تطورات هذه المرحلة الصعبة، وما تفرزه من تداعيات خطيرة على المستوى الوطني، تهدد من جديد تماسك النسيج اللبناني، في وقت أحوج ما يكون فيه البلد إلى التضامن والتلاحم الداخلي لوقف الإنحدار المالي والنقدي المخيف، وعدم الوصول إلى قعر الإنهيار.

من هذا المنظور، فإن حسين شلهوب وسناء الجندي ليسا فقيدي عائلتهما، ولا ضحايا بلداتهما، ولا يخصان حزباً معيناً، ولا طائفة محددة، بقدر ما هما شهيدي هذا الوطن المعذب مع هذه الطبقة السياسية الفاسدة، التي تصم أذنيها عن سماع أنين الناس وصرخاتهم بسبب معاناتهم اليومية في حياتهم المعيشية.