بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 كانون الأول 2020 06:03ص صيف وشتاء عند الديبلوماسية اللبنانية!

حجم الخط
لا يمكن السكوت عن التمادي الحاصل في انحياز العهد الحالي إلى المحور الإيراني، والإمعان في ابتعاده عن الصف العربي.

آخر نماذج خروج لبنان الرسمي عن سياسة النأي بالنفس، وعدم اعتماد قواعد التوازن والحياد، ما حصل أمس من استنكار وزارة الخارجية اللبنانية لاغتيال راعي البرنامج النووي الإيراني فخري زاده في طهران، في حين استمر الصمت الديبلوماسي المريب، والتجاهل المتعمّد، للقصف الحوثي للمنشأة النفطية في جدة الأسبوع الماضي، والذي كان موضع استنكار وإدانة من العديد من الدول والمؤسسات الدولية، وفي طليعتها الأمم المتحدة. وهذا يعني أن الدولة اللبنانية العلية تعتمد سياسة صيف وشتاء على سطح واحد.

لا شك أن لبنان الرسمي والشعبي هو ضد مبدأ الاغتيال السياسي، واللبنانيون عانوا الأمرّين من أسلوب حسم الخلافات بالاغتيالات، ولكن تأكيد هذا الموقف المبدئي، يجب أن يترافق مع مواقف مشابهة في التعامل الديبلوماسي، خاصة في هذه الظروف البالغة الحساسية والتعقيد التي يمر بها لبنان والمنطقة، والتي تتطلب تغليب الحكمة، والتمسك بأسس الحياد الإيجابي للسياسة الخارجية اللبنانية، والتي أرسى قواعدها الأولى الرئيس فؤاد شهاب، وعادت على البلد بالكثير من الازدهار والاستقرار، فيما كانت المنطقة تخوض غمار تغييرات جوهرية في أنظمتها السياسية، أصابت أوضاعها ومجتمعاتها باهتزازات اجتماعية وسياسية وأمنية ما زالت ارتدادات بعضها مستمرة حتى اليوم.

آن الأوان ليدرك أهل الحكم أن الابتعاد عن العالم العربي يُفاقم العزلة والحصار الراهنين اللذين يتعرّض لهما لبنان في هذه المرحلة الصعبة، وأن أول الغيث للخروج من الانهيارات الاقتصادية والمالية المتلاحقة يأتي عادة من الأشقاء في الدول الخليجية، الذين اضطروا إلى إدارة الظهر لوطن الأرز، بعدما تحوّل إلى منصة دائمة للتهجّم على قياداتهم، ومصدر ملتبس للاضطرابات التي تتعرّض لها بلدانهم.

ويسألونك بعد كل ذلك: لماذا ترك الأشقاء الوطن المنكوب يتخبّط بأزماته؟