الوضع الإقتصادي المضطرب، المترافق مع خلل في المالية العامة وانهيار دراماتيكي للّيرة اللبنانية، وتدهور الأوضاع الإجتماعية والمعيشية، وتأرجح توفير الدعم للمواد الأساسية، وغياب الإستقرار النقدي الذي يعكس السعر الحقيقي لصرف العملات الأجنبية، وعدم لجم إرتفاع الأسعار لتحسين القدرة الشرائية للمواطن، وحبس أموال المودعين في المصارف، التي تنصّلت من كل مسؤولية وأوجدت مجموعة من الأعذار والتبريرات، لتقنع زبائنها بأن لا ذنب لها في ما حصل مع إبداء حرصها على ودائعهم.
هذه الأزمة العميقة تخطّت قدرة لبنان على تجاوزها بإمكاناته الذاتية، ولا حتى بإمكانات فرنسا لوحدها، وبات الحلّ الوحيد لانتشال الإقتصاد اللبناني من المأزق المطبق، مرتبطاً بعملية إسترجاع ثقة الأخوة العرب والمجتمع الدولي بلبنان، ولن يتم ذلك لا بالإستجداء ولا بالكلام المنمّق، بل بالإسراع في تشكيل حكومة فاعلة، تُضمِّن بيانها الوزاري خطة إصلاحية واضحة مرفقة بجدول زمني محدد للتنفيذ.
الوقت يضيق، والخناق يشتدّ على أعناق المواطنين في معيشتهم وأموالهم وأعمالهم، وممنوع إضاعة المزيد من الوقت، ولا حتى التخويف من قسوة الإجراءات الإصلاحية، كمثل رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، لأن جنون الأسعار نتيجة إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية تجاوز تلك الزيادة بكثير، أو زيادة الخمسة آلاف ليرة على كل صفيحة بنزين، لأن كلفة رفع الدعم ستكون كارثية وتفوق عشرات المرات الخمسة آلاف ليرة، أو زيادة تعرفة الكهرباء، لأن فاتورة المولّدات الخاصة لم تعد ترحم أحداً وباتت تستنزف المواطن مباشرة فيما كهرباء لبنان المترهلة تستنزف الخزينة اللبنانية على حساب المواطن.
المصارف الأجنبية التي كانت تنطلق من بيروت، كنافذة مالية إلى الشرق الأوسط، فضّلت مغادرتها بعد أن لاحظت، أن المصارف اللبنانية أكلت الأخضر واليابس وسيطرت على أكثر من 75% من السوق اللبنانية، وقامرت بأموال المودعين في سندات الخزينة، وقررت التعامي عن وضع الخزينة المتدحرج إلى الهاوية، لجني الأرباح الفاحشة على حساب المودعين الذين استفاقوا ليجدوا أنفسهم في منتصف النفق المظلم.
اللبنانيون عالقون بين سَّندان المصارف ومِطرقة كورونا، يشكون ضعف المناعة لكنهم سيتماثلون للشفاء حتماً، ويجعلون المصارف تعتاد على يوم الحساب وليس فقط كشف الحساب. ?