بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 نيسان 2023 12:50ص عودة النازحين: جدية أم شعبوية؟

حجم الخط
الحديث عن مشكلة النازحين السوريين بدأ يتفلّت من الضوابط الأخوية والإنسانية، ويأخذ طابع التشفي والحقد والإنتقام، في بعض البيئات المحيطة في مخيمات النزوح، وضواحي القرى التي تكثر فيها جموع النازحين. 
لا أحد يستطيع أن يتنكر بأن وجود مليوني نازح ونيّف في بلد يبلغ تعداد سكانه أقل من خمسة ملايين، يشكل عبئاً نفسياً، وإقتصادياً وإجتماعياً، فضلاً عن المزاحمة غير المشروعة للعمالة اللبنانية، حيث يشكو الشباب اللبناني، وأهل المهن المختلفة، من مزاحمة اليد العاملة السورية، التي تفاقمت البطالة بسببها، وتجاوزت معدلات الارقام العادية، وتهدد بمضاعفات إجتماعية لا تُحمد عواقبها.
وثمة أعباء ضخمة تتحملها البنية التحتية اللبنانية، في تلبية الحاجات الضرورية للنازحين السوريين، من كهرباء ومياه وطبابة وإستشفاء وتعليم، وصرف صحي عشوائي يؤدي معظمه إلى تلوث البيئة، سواء المياه الجوفية، أو حتى مياه الأنهر والبحيرات، دون إيجاد حلول علمية لهذه الظاهرة، رغم مضي أكثر من عشر سنوات على وجود النازحين في مخيماتهم. 
وثمة أكثر من سبب للقلق اللبناني من بقاء هذه المشكلة دون حل لسنوات، أولها إرتفاع نسبة الولادات السورية بمعدل ستة بالمئة، في حين أن هذه النسبة لا تتجاوز واحد ونصف بالمئة عند اللبنانيين، الأمر الذي يجعل من التغيير الديموغرافي إمكانية واردة في مدى السنوات العشر القادمة، في حال بقي السوريون في لبنان. 
وثاني أسباب القلق اللبناني، هو هذا الإصرار الغريب من الدول الغربية، وخاصة فرنسا ودول أورووبية أخرى، على تقديم المساعدات النقدية والفريش دولار للنازحين السوريين الذين يتواجدون على الأراضي اللبنانية، والرفض الأوروبي لتقديم هذه الدفعات الشهرية للسوريين العائدين إلى بلادهم، لتشجيعهم على العودة إلى قراهم ومدنهم، بحجة أن العودة غير آمنة، قبل التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
معالجة مثل هذه المعطيات تحتاج إلى كثير من الحكمة والتروي، لتجنب خلق حساسيات خطرة مع إخواننا السوريين، إلى جانب فتح حوار مباشر مع دمشق للتفاهم على آلية عودة النازحين ضمن خطط ممنهجة، تحظى بدعم الدول المانحة لتوفير المساعدات الضرورية للعائلات العائدة، وتخفيف الأعباء على الجانب اللبناني، وتطمين اللبنانيين بعدم وجود نوايا خبيثة لتوطين النازحين في الأراضي اللبنانية.
فهل نعمل بجدية وفعالية للتوصل إلى الحلول الجذرية لهذه المسألة، أم سنغرق في الخطابات الشعبوية التي تزيد الأمور تعقيداً؟