ما يحصل مع الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، يُعتبر من صنف الفضائح المجلجلة في دولة يُنتهك فيها الدستور بشكل شبه دائم، ويُفاخر بذلك أهل السلطة والصولجان، وكأن شيئاً لم يكن!
شبان وشابات في ريعان الصبا، خريجو جامعات ومعاهد فنية، ارتضوا بوظيفة تسد رمق الجوع، وتؤمّن لقمة العيش، ولو بمستوى حارس الأحراج، أو مساعد محاسب في دائرة رسمية، أو حتى حاجب في إدارات الدولة، وكلها وظائف من الدرجة الرابعة وما دون!
ورغم أن مباريات الدخول جرت وفق الأصول، وفي المؤسسة المعنية بالتعيينات الإدارية، فقد بقي الناجحون في الشارع منذ عام ونيّف، ومراسيم تعيينهم في الوظائف التي تقدموا لها ما زالت معطلة، وغير قابلة للتنفيذ، بحجة عدم توفّر التوازن الطائفي بين الناجحين، لأن عدد المسلمين يزيد عن عدد المسيحيين بعشرة مرشحين للوظائف المذكورة!
الواقع أن هذه الممارسة السياسية العرجاء، تثير النعرات الطائفية بين أجيال الشباب، من دون أي مبرر أو مسوغ قانوني، فضلاً عن أن المتمسكين بالتوازن الطائفي في هذا الملف، هم أنفسهم الذين يضربون بالتوازنات الطائفية في الوظائف المهمة والحساسة عرض الحائط !
ثمة مناقلات وتعيينات تمّت خلال السنة الأولى من العهد الحالي، لم تراعَ فيها التوازنات الطائفية، بحجة أن الدستور حصر التوازن بموظفي الفئة الأولى فقط ، وهذا صحيح، ولكن لماذا لا يتم تطبيقه على الناجحين في امتحان مجلس الخدمة المدنية، وهم في الدرجة الرابعة فقط من سلّم الوظيفة العامة؟!
مرسوم إعطاء الأقدمية لضباط دورة 1994، هل أخذ بعين الاعتبار قواعد التوازن الطائفي، التي يجري تطبيقها على حرّاس الأحراج، وعلى صغار الموظفين؟
تعيينات ومناقلات كتّاب العدل في بيروت، هل تمّت على أساس التوازن الطائفي المطلوب؟
ماذا ننتظر من سلطة تتعمّد تطبيق القانون بشكل استنسابي، وتصرّ على التفريق بين الأجيال الشابة، وتصنيفهم حسب طوائفهم ومذاهبهم، من دون أي اعتبار لمبادئ الكفاءة والاختصاص، وقبل كل شيء تعزيز الشعور بالانتماء للوطن، لا للقبيلة - الطائفة!