بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الأول 2019 09:11ص فيحاء الوطن انتصرت ... وتغلّبت على أوجاعها!

حجم الخط
طرابلس أثبتت مرّة أخرى أنها فيحاء الوطن كلّه، وليس الشمال وحده.

ساحة النور في وسط مدينة العلم والعلماء تحوّلت إلى منارة حضارية للوحدة الوطنية بأبهى مظاهرها، وأمتن أواصرها، وأبرزت وقفة تاريخية مشهودة لمدينة الانفتاح والعيش المشترك والحوار.

أيام الفيحاء المشهودة في الثورة التي ألهبت المناطق اللبنانية، كشفت من جديد زيف الادعاءات والافتراءات الظالمة على سمعة المدينة وأجواء التسامح والتوافق والاعتدال السائدة بين أهلها، والتي تُجسد تركيبة النسيج اللبناني، بأطيافه المختلفة، بعيداً عن كل دعايات التعصب والتطرف التي حاولوا إلصاقها بطرابلس وأهلها، كلما دق الكوز بالجرة!

الفيحاء الشمّاء حاولت التغلب على أوجاعها الاجتماعية والمعيشية، وتجاهلت ما تعانيه من إهمال وانعدام الخدمات، وفتحت قلبها لاحتضان عشرات الآلاف من مختلف المناطق والطوائف، وتحويل حالة الغضب العارم إلى فرصة للتلاقي مع الآخر، وتعزيز الصف الوطني، بمواجهة سلطة الفساد والفاسدين.

ولكن كم كان مؤلماً مشهد سيّارات الصليب الأحمر اللبناني، وهي تشق طريقها وسط الحشود في طرابلس وعلى امتداد ساحات وبلدات الطريق الشمالي، وهي تنقل عشرة أطفال مصابين بالسرطان لتلقي علاجهم الأسبوعي في بيروت، لعدم وجود مركز لمعالجة سرطان الأطفال في الفيحاء، ولا أقسام لأمراض السرطان في مستشفيات طرابلس والشمال.

هل يجوز أن تكون العاصمة الثانية في لبنان خالية من مراكز معالجة هذا المرض الفتاك، والذي تُشير الدراسات الدولية إلى تكاثر انتشاره في منطقة الشمال، بسبب ارتفاع معدلات التلوث في المياه والهواء؟

أين مسؤولية وزارة الصحة في تأمين العلاج ضد السرطان لأبناء طرابلس والمناطق الشمالية، والذين يشكلون ثلث سكان لبنان؟

وماذا تفعل مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الاجتماعية الناشطة، إزاء تخلف الدولة الفادح عن القيام بمسؤولياتها الصحية في المنطقة... هل تعجز الإمكانيات المتوفرة عن إنشاء مركز طبي لمعالجة مثل هذه الحالات المستعصية؟

تحية وطنية كبيرة لفيحاء الوطن التي انتصرت على آلامها في مشاركتها الحضارية في ثورة الغضب ومكافحة الفساد.

وكان الله في عون أهالي طرابلس والشمال على إهمال الدولة المتمادي لواجباتها الأساسية تجاه مواطنيها الصابرين على معاناتهم، وغياب الدولة عن مناطقهم!