يبدو أن مرحلة الغياب السعودي عن لبنان قد طويت بشكل نهائي، وبدأت رحلة العودة إلى تفعيل العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين، وذلك بخطوات ثابتة ومدروسة، يحيطها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالعناية اللازمة، ويتولى السفير الديناميكي وليد البخاري إعداد الأجواء المناسبة لها.
زيارة وفد مجلس الشورى السعودي إلى بيروت، ليست خطوة عادية، والمواقف التي أعلنها رئيس الوفد صالح بن منيع الخليوي، سواء في قصر بعبدا أم في دار الفتوى، حملت دلالات كبيرة عن النظرة السعودية الجديدة إلى العلاقات مع لبنان.
لقد أكد الضيف السعودي إثر مقابلة رئيس الجمهورية سرور السعوديين بالقدوم إلى لبنان الذي ينعم بالأمن والاستقرار، فيما كرر في دار الفتوى بعد لقاء مفتي الجمهورية حرص العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد، على استقرار لبنان ووحدته وعروبته ليبقى واحة حرية ووطنية ومحبة واعتدال، والوجه المشرق للعرب والمسلمين في دوره ورسالته.
وحملت زيارة الوفد السعودي إلى طرابلس أكثر من رسالة، لعل أهمها الاهتمام السعودي بأوضاع هذه المدينة المظلومة إنمائياً، وتأكيداً على مكانتها الوطنية في حفظ صيغة العيش الواحد بين اللبنانيين، رغم ما تعانيه من إهمال رسمي وفقر اجتماعي، حوّلها إلى أكثر المدن فقراً على ساحل المتوسط.
وتزامنت زيارة الوفد السعودي إلى بيروت مع الزيارة التي يقوم بها حالياً قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى السعودية تلبية لدعوة رسمية من القيادة العسكرية السعودية، للبحث في المساعدات السعودية المقررة للجيش اللبناني في مؤتمر روما-٢ والتي ساهمت فيها المملكة بشكل فاعل. والحفاوة التى أحيط بها قائد الجيش في استقباله ولقاءاته حملت أكثر من مؤشر على مدى الاهتمام السعودي بدعم المؤسسات الأمنية الشرعية وتعزيز دورها في حفظ الاستقرار في البلد، والثقة التي توليها الرياض للمؤسسة العسكرية ولقائدها.
فهل سيلاقي لبنان الشقيق السعودي في منتصف الطريق... أم أن الفرصة الجديدة ستلحق بسابقاتها من الفرص الضائعة؟