موجة التفاؤل التي أطلقها الرئيس المكلف سعد الحريري في إطلالته التلفزيونية مع الزميل مارسيل غانم، سرعان ما حوّلها صديقه اللدود الوزير جبران باسيل إلى غيمة صيف، ذهبت بها حفلة التصعيد التي شنها رئيس «التيار الوطني الحر»، أمس، في حملته المباشرة على «القوات اللبنانية».
كلام الرئيس المكلف عن إمكانية ولادة الحكومة العتيدة خلال عشرة أيام، لم يأخذ مداه السياسي والاقتصادي والشعبي، أولاً لأن ليس ثمة مؤشرات ميدانية تدعم هذا التوقع المفرط بالتفاؤل، وثانياً لأن الأفرقاء السياسيين ما زالوا على تعنتهم في مواقفهم المعروفة، والتي تسببت بالعقد التي تحول دون الوصول إلى شاطئ التأليف بسلام، اليوم قبل الغد.
قد يكون الناس بحاجة إلى جرعة تفاؤل، تبشّرهم بقرب الخروج من نفق الأزمة الحكومية، وتؤشر لانفراجات وشيكة اقتصادية واجتماعية ومعيشية، ولكن الصدمة تكون أقوى عندما يتبين عدم جدوى الجرعات المتتالية، في التخفيف من حالات التشنج والتعنت التي تهيمن على مواقف الأطراف المعنية، وتعطل جهود التأليف!
معالجة الأزمة السياسية المستعصية، لم تعد تنفع معها حبات الأسبرين، ولا حتى أبر المورفين، وأصبحت تتطلب جراحة جريئة، ليس للخروج من المأزق الراهن وحسب، بل ولإنقاذ البلد، ومعه العهد، من حالة التعثر التي يتخبّط فيها، والتي قد تمتد أشهراً أخرى.
الجراحة المطلوبة تضع الشروط التعجيزية، و«الفيتوات» المتبادلة جانباً، وتذهب إلى البحث الجدّي والسريع في تشكيل حكومة مصغرة، تتألف من فريق عمل متجانس، يكون قادراً على نقل البلد إلى أجواء ملائمة للإنتاج والإنجاز، قبل فوات الأوان، ووقوع السقف فوق رؤوس الجميع، وهم يخوضون في هذا النقاش العقيم حول الحصص والوزارات، وحسابات الأحجام، ومناورات إبعاد هذا الطرف أو ذاك عن «الجنّة الوزارية»!
السؤال: من يتجرّأ على اتخاذ قرار الجراحة المطلوبة لإنقاذ البلد من تداعيات هذه الأزمة المدمرة؟