بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 حزيران 2021 06:08ص لم نصل القعر بعد

حجم الخط
منذ سنة ونصف السنة ولبنان يعاني من أزمات متلاحقة هي الأسوأ في تاريخه، بدأت بالتدهور الإقتصادي والمالي، واختلطت فيها الكارثة الصحية بفعل جائحة كورونا، ثم النكبة الكبرى الناتجة عن إنفجار مرفأ بيروت التي أدّت الى إستقالة الحكومة، لتندلع بعدها أزمة سياسية تسبّبت بشلل سياسي تام حال ويحول دون تأليف حكومة جديدة، وغابت معه الخدمات الحيوية والضرورية للمواطن.

لقد سقطت جميع المبادرات المحلية والإقليمية والدولية، بعدما تبيّن بوضوح أن هدر الكهرباء لم يُعالج رغم مناشدات الدول الصديقة، ومزاريب الهدر لم يوضع حدّ لها، والفساد ما زال مستشرياً والنفايات والسرقات في كل مكان، أما الإصلاحات فتحولت الى مادة برسم المزايدة وتتسم بطابع الشعبوية الفاضحة الممجوجة. أما التحقيقات في إنفجار المرفأ فلا زالت في طور إستبعاد الفرضيات ولم تصل بعد الى الشبهات فيما التوقيفات الإحتياطية شملت العشرات من موظفي المرفأ والعسكريين بتهم لا تتجاوز التقصير أو الإهمال، وهنا نتساءل هل تستدعي مثل هذه التهم ـ وهي من صنف الجنح ـ محاكمة أمام المجلس العدلي ؟

حتى الأم الحنون فرنسا إستسلمت، وأوكلت المهمة الى الإتحاد الأوروبي علّه ينجح في إعادة المسؤولين السياسيين في لبنان الى صوابهم والكف عن لعبة عضّ الأصابع، وقد وصل  الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي «جوزيف بوريل» الى بيروت أول من أمس السبت وغادرها أمس الأحد واجتمع الى مسؤولي الصف الأول ليطلق التحذير الأخير بتوجيهه رسالة صارمة الى القادة السياسيين بأنّ الأزمة التي يواجهها لبنان هي محلية وداخلية وصناعة وطنية، والعواقب على الشعب كبيرة جداً وعلى القادة تحمّل مسؤولياتهم ويجب تشكيل حكومة وتطبيق الإصلاحات الأساسية فوراً.

اللبنانيون المهدّدون بالجحيم والعتمة والتفلت الأمني، يعيشون حالة ترقب وهلع من الإرتطام الكبير الذي ينتظرهم وهم يتدحرجون الى القعر المفترض وماذا ينتظرهم هناك من مفاجآت، كما حصل في قعر ما يسمى بخندق ماريانا «Mariana Trench» في أعماق المحيط الهادي حيث استطاع رجل الأعمال الأميركي «Victor Vescovo» توثيق واستكشاف المنطقة المسماة بـ«hallenger Deep»، والتي تعتبر أعمق نقطة عن سطح الكرة الأرضية وعمقها حوالى 11034م، ووجد في ذلك القعر كيساً بلاستيكياً!

بعد كل المآسي التي حلّت بلبنان واللبنانيين، بتنا نفتش عن القعر لكن كلما وصلنا قعراً وظننا أنه القعرُ، نكتشف أننا نعيش الوهم وأن الطريق الى الجحيم سالكة، أما القعر لم نصله بعد.