بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الأول 2023 12:05ص متى يتعلَّم الإسرائيلي من أخطائه القاتلة..؟

حجم الخط
ليس العرب وحدهم لا يدركون التعلم من أخطائهم، على ما يبدو، فقد سبقهم الاسرائيليون بأشواط، رغم ما يدعونه من عنجية وغطرسة، والتماهي بالقوة الخارقة. 
خمسة وسبعون سنة مضت على قيام دولة الإغتصاب، خاضت خلالها عدة حروب مع جيرانها العرب، وتصدت لعشرات الإنتفاضات الفلسطينية في الضفة وغزة، ووقعت المئات من عمليات التفجير والإقتحامات، في تل أبيب ومختلف المدن الأخرى، وصدرت العشرات من القرارات الدولية التي تُطالب دولة الإحتلال بالإنسحاب من الأراضي الفلسطينية، وإعتماد حل الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، لتكون الدولة العبرية إحدى مكونات «الشرق الأوسط الجديد».
كل تلك السنوات، وكل تلك الأحداث، لم تتعلم الأحزاب الإسرائيلية شيئاً من تجاربها المريرة، وأصرت الدولة الصهيونية على التصرف بصلف المحتل المتغطرس، وتحدي القرارات الدولية، وقمع الشعب الفلسطيني، وإرتكاب المجازر ضد النساء والأطفال، وتجاهل مخاطر الحقد والكراهية التي كانت تزرعها في نفوس وعقول الشباب الفلسطيني، جيلاً بعد جيل. 
ربحت تل أبيب حرب حزيران. ولكنها تجرعت علقم الهزيمة في حرب تشرين ١٩٧٣، وإنسحبت على أثرها من سيناء والأراضي المصرية بعد مفاوضات شاقة مع المصريين، وبقيت معاهدة السلام في براد التطبيع المصري، منذ التوقيع عليها في كمب دافيد الأميركي. 
إنسحبت من الأراضي اللبنانية في أيار عام ٢٠٠٠، لتفادي المزيد من المواجهات مع المقاومة، ولكنها عادت بعد ست سنوات لتخوض حرباً تدميرية ضد لبنان، ضربت خلالها البنية التحتية بوحشية، وعمدت إلى تحويل أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت إلى جبال من الأنقاض والركام، ولكنها خرجت في النهاية تجر أذيال الهزيمة، بعد ما مني « الجيش الذي لا يُقهر» بخسائر فادحة بالرجال والعتاد. 
اليوم يُعاود نتانياهو الكرّة من جديد في غزة، محاولا مسح وصمة الهزيمة والعار التي طبعها أبطال «طوفان الأقصى»، على جبين جيشه ودولته، عبر التدمير الممنهج لأحياء غزة، وشن حرب إبادة إجرامية ضد الشعب الأعزل، بدعم سافر وحقير من الرئيس الأميركي بايدن وبعض حلفائه الغربيين، دون الأخذ بعين الاعتبار التجارب المريرة السابقة، والتي تؤكد إستحالة القضاء على جذوة المقاومة لدى شعب متمسك بأرضه، ولم يعد لديه ما يخسره في صموده البطولي أمام جبروت الأساطيل ووحشية الغارات الجرّارة. 
«طوفان الأقصى» سيجرف نتانياهو ووزير حربه الأرعن إلى محاكم التحقيق والمساءلة بمجرد أن تضع الحرب أوزارها، وتظهر الفضائح المذهلة لتقصير حكومة المتطرفين في مواجهة زلزال الأقصى. 
لعل من يأتي بعده يكون مدركاً أن السلام مع الفلسطينيين، وليس الحرب،  هو الطريق الوحيد إلى المستقبل الواعد لشعوب المنطقة.