بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 آذار 2019 12:14ص مجزرة نيوزيلندا: حقد وكراهية في نفوس الشباب!

حجم الخط
ليس معتوهاً، ولا مُختلاً عقلياً، ولا فاقداً لأهليته المدنية، بل هو حاقد بقلب أسود، وبعقل شيطاني، استخدم كل قدراته الذاتية للتخطيط على مدى ثلاث سنوات كاملة لهذه المجزرة النكراء، وأقدم على ارتكاب جريمته الجماعية في مسجدين متجاورين بدم بارد، لا يتجرّأ كثيرون من مواطنيه على ممارستها في اصطياد العصافير!
اعتبار المجزرة عملية إرهابية، ومنفذها المجرم مجرد إرهابي، يميني متطرف، هو تبسيط لموجة الكراهية التي تغذيها تيارات متشددة في الغرب ضد الإسلام والمهاجرين المسلمين، وتنمّي مشاعر «الإسلاموفوبيا» في صفوف الشباب الذين لا يعرفون عن الإسلام غير ما تتناقله وسائل الإعلام الغربية عن التنظيمات الإرهابية المتلفلفة بالجلباب الإسلامي، وتستغل بعض الشعارات الإسلامية، وفق مخططات منشئيها ومموليها الاستخباراتيين الغربيين، والترويج للممارسات العنصرية ضد كل ما يمتّ للإسلام بصلة.
لو كان المجرم مسلماً لسارع الإعلام الغربي إلى إلصاق الجريمة بالإسلام، ولأصبح معظم المسلمين، خاصة المهاجرين، إرهابيين تجب مطاردتهم ومعاقبتهم على جريمة لم يرتكبوها، وتحميلهم مسؤولية ذنب لم يقترفوه.
المسلمون لن ينجروا إلى هذا المخطط الشيطاني، الذي يستهدف زرع بذور الحقد والكراهية والعنصرية بين المسلمين والمسيحيين، ولن يتورّطوا مثل ما فعل أصحاب النوايا الخبيثة، بوسم المسيحية بالإرهاب، كما حصل بالنسبة للإسلام، بل سيدافعون عن مبادئ التسامح والسلام والعيش الآمن بين الديانات والحضارات المختلفة، على اعتبار أن هذا التنوع هو في صلب الحكمة الإلهية في تنظيم الحياة البشرية، عملاً بقوله تعالى: «لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة».
ولكن هذه المجزرة، وقبلها كثير، أثبتت مرة أخرى أن الحوار بين المرجعيات الدينية الكبرى، والمؤتمرات بين النخب والمثقفين من أديان مختلفة، وخاصة بالنسبة للحوار الإسلامي - المسيحي، لا تنفع إذا لم تنتقل جولات الحوار إلى صفوف الشباب، في الثانويات والجامعات، ومختلف المنتديات، ليتم تبادل المعلومات والمداخلات، التي تتيح التعرّف على الآخر بوضوح وهدوء، وبالتالي نزع الحقد من النفوس، والتخلص من التعصّب في العقول والقلوب، وتحصين الأجيال الصاعدة ضد الكراهية والعنصرية وكل ما يُشكّل خطراً على أمن وسلامة المجتمعات الإنسانية!
فهل تعمل المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية في العالم على تحصين الأجيال الشابة ضد التطرّف والإرهاب الأعمى؟.