بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 حزيران 2018 12:19ص مدينة لا تُصدِّر الحمير...!

حجم الخط
كرامة المواطن من كرامة وطنه، وسمعة الناس جزء لا يتجزأ من سمعة بلدانهم. هذه الكلمات البسيطة والواضحة، تعلمنا معانيها، وما تشكّله من مبادئ وطنية سامية من كتاب «التربية الوطنية»، الذي كان مقررا في المنهج الرسمي، وتم شطبه من المناهج التي اعتُمدت بعد الحرب، وكأن البلد والناشئة التي عاشت ويلات الحرب، وانقساماتها لم تعد بحاجة إلى غرس مبادئ التربية الوطنية في نفوسها، وفي عقولها!
الصيت الذائع عن لبنان في الخارج، أنه بلد الفساد وتبييض الأموال والاتجار بالمخدرات، إلى تلك الصور البائسة عن بلد يفتقد أبسط مقومات السمعة الحسنة، ويحتار شبابه، أينما ذهبوا، في الدفاع عن قيمهم الوطنية، فيما ممارسات الطبقة السياسية الفاسدة شاعت روائحها الكريهة في أنحاء المعمورة، من دون أن يرفّ جفن واحد لأهل السياسة الأشاوس!
تحضرني في هذا المقام رواية من العصر العباسي قرأتها مؤخراً عن صاحب حمار أبيض، لفت نظر امرأة السلطان العثماني الذي كان يزور بغداد، فطلب الأخير أن يشتري الحمار ويهديه لزوجته. ولكن صاحب الحمار رفض بيعه، وأصرّ على الاحتفاظ بحماره، رغم كل الإغراءات المالية التي عُرضت عليه، مما تسبب بإحراج كبير لوالي المدينة، الذي أرسل وراء صاحب الحمار ليعرف سرّ رفضه لكل المغريات المالية التي عُرضت عليه، فجاء الرجل بثيابه الرثة إلى ديوان الوالي، الذي أشفق على حاله، وبادره إلى السؤال عن أسباب عدم تجاوبه مع رغبة السلطان في بيعه الحمار؟ فأجاب ببساطة الناس الطيبين وعفويتهم: هل يُعقل ألا تُعجب زوجة السلطان في مدينة العلم بغداد إلا بهذا الحمار الجميل، والذي إذا سُئل السلطان وزوجته عن مصدره سيقولان أنه حمار بغدادي!
وأضاف: كيف تريدني يا سيدي الوالي أن أنعت أبناء مدينتي العظيمة بمثل هذا الوصف المهين، وبأن بغداد التي كانت عاصمة الرشيد والعباسيين أصبحت مدينة تُصدّر الحمير!