أيهما أهم بالنسبة للبنك المركزي: حماية حقوق المودعين، أم الحفاظ على مصالح المصارف؟
هذا السؤال يختصر المعادلة المستحيلة التي يحاول المسؤولون في البنك المركزي تحقيقها دون طائل، ودون التوصل حتى الآن إلى النتائج المرجوة.
رغم مرور أكثر من شهرين على ظهور مشكلة السيولة النقدية في الأسواق المالية اللبنانية، ما زالت محنة المودعين الذين يعيشون حالة مؤلمة من الخوف والقلق على أموالهم، وجنى العمر، تتفاقم يوماً بعد يوم، حيث تقف الطوابير يومياً، وبمشهد لا يخلو من مشاعر الذل، أمام صناديق المصارف للحصول على الفتات من ودائعهم، أو ما يعتبره البعض بمثابة «الخرجية» الأسبوعية، والتي تتناقص من أسبوع إلى آخر، ووصلت في بعض المصارف إلى خمسين دولاراً فقط، في حين أوقف البعض الآخر الدفعات الأسبوعية، بحجة عدم توفر العملة الخضراء في صناديقهم!
يُضاف إلى ذلك، الصعوبات التي تواجه كبار التجار في فتح الاعتمادات المصرفية من حسابات شركاتهم، واضطرار العديد منهم للجوء إلى السوق السوداء للحصول على العملات الأجنبية اللازمة لتمويل مستورداتهم من الأدوية والمواد الغذائية الضرورية، وانعكاس ذلك على أسعار الحاجيات اليومية للبنانيين، والتي تسجل ارتفاعاً مطرداً يوماً بعد يوم، من دون حسيب أو رقيب من مصلحة حماية المستهلك، أو جهة مسؤولة!
أما أزمة القطاع المصرفي فلا تقل تعقيداً عن محنة المودعين، لأن إنجازات هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الوطني، والتي قامت أساساً على الثقة التي استغرق بناؤها عقوداً طويلة من الزمن، فقدت أهم مقوماتها بسبب تدابير «Capital control»، التي احتجزت أموال المودعين، ووضعت قيوداً مربكة على المعاملات المصرفية، بحجة تجنب حصول إنهيارات في البنية المصرفية، ووصول بعض المصارف إلى حافة الإفلاس!
كل المؤشرات تدل على أن العاصفة التي ضربت القطاع المصرفي في لبنان، والذي كان الأكثر تميزاً في منطقة الشرق الأوسط، يحتاج إلى سنوات ليستعيد الثقة المفقودة، ويعزز بنيته من جديد.
وبانتظار مرحلة الفرج، ستبقى العلاقة بين المصارف والمودعين محور مواجهات يومية بين الطرفين، إلى أن يجد البنك المركزي الحل المناسب الذي يوفّق بين حقوق المودعين ومصالح المصارف!