بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تموز 2023 12:34ص من القرنة السوداء وحاكميَّة المركزي ومحافظة كسروان: الأولوية لانتخاب رئيس

حجم الخط
يوماً بعد يوم يزداد التخبُّط الحكومي في إدارة شؤون البلاد والعباد، في ظل الشغور الرئاسي المتمادي من جهة، و مع هذا الإنقسام العامودي المتأزم بين الأطراف السياسية من جهة ثانية، وما يتعرض له رئيس الحكومة من ضغوطات متناقضة، من القيادات الروحية والسياسية من جهة ثالثة.
من تأليف وتجميد لجنة معالجة المشكلة المزمنة في القرنة السوداء، إلى حالة الضياع عشية إنتهاء ولاية حاكم البنك المركزي، إلى تهديد نواب الحاكم بالإستقالة الجماعية في حال شغور الحاكمية (كذا)، إلى «صرعة» طرح المراسم التنفيذية لمحافظة كسروان وجبيل، وتسريع إجراءات تقسيم جبل لبنان إدارياً وتاريخياً، كلها مؤشرات لتداعيات على جانب كبير من الخطورة، وتهدد ما تبقى من كيان الدولة، وهيبتها، وتعريض الحكومة ورئيسها لمزيد من الحملات والإنتقادات، لأنها تتجاوز بقراراتها حدود «تصريف» الأعمال، وتنتقل إلى واقع «التصرف» بالأعمال والقرارات، وكأنها تتمتع بكامل الصلاحيات الدستورية.
صحيح أن المطلوب من الدولة الكثير في هذه الظروف الإستثنائية التي أوصلت البلاد والعباد إلى جهنم الفقر والإفلاس، ولكن الأصح أن الأولوية لإستقامة أمور الدولة، وتمكين السلطة الشرعية القيام بمسؤولياتها تبقى في تسريع الخطى لإنتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، وتحوز الثقة النيابية، وتحظى بالثقة الخارجية، حتى تستطيع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وإطلاق ورشة الإنقاذ المنشودة.
لا تكليف لجنة بمعالجة ذيول جريمة القرنة السوداء، ولا الإشاعة بتوجه حكومة تصريف الأعمال لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، مقابل «المغازلة الخادعة» للمسيحيين عبر طرح المراسم التنفيذية لمحافظة كسروان وجبيل، ولا التلويح بتعيين أعضاء المجلس العسكري، تؤدي كلّها أو جُلّها إلى إنقاذ البلد من دوامة الأزمات المتناسلة، التي تحاصر الحياة اليومية للأكثرية الساحقة من اللبنانيين، وتفاقم الإنهيارات الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية، لأن أهل الحل والربط منصرفون لصراعاتهم ومنافساتهم على المصالح الفئوية، ومغانم السلطة المتهاوية.
ولم يعد خافياً حجم المعارضة المسيحية لأي خطوة حكومية تتخذ طابع التشريع، أو تتجاوز حدود تصريف الأعمال في حدوده الضيقة، على إعتبار أن مثل هذه الخطوات تفسح المجال لتمديد الشغور الرئاسي، وتتجاهل دور رئيس الجمهورية في إختيار المرشحين لوظائف الفئة الأولى، خاصة في كوتا المراكز المخصصة للمسيحيين، وفي مقدمتها حاكم البنك المركزي.
وأصبح معلوماً أن مراجع مسيحية، روحية وسياسية، أبدت رفضها «لإغراء» محافظة كسروان وجبيل، وما يحمله من أبعاد على صعيد صلاحية حكومة تصريف الأعمال في التشريع، الأمر الذي قد يُشكل مقدمة للتفرُّد بتعيينات وقرارات تشريعية كبيرة.
وحذرت تلك المراجع من وقوف أطراف سياسية معينة وراء الخطوات المريبة، تحقيقاً لغايات في نفس يعقوب، ليست بعيدة عن حسابات الإنتخابات الرئاسية، التي مازالت أسيرة عملية عضّ الأصابع بين القوى السيادية ومحور الممانعة، بإنتظار الترياق، ووصول كلمة السرّ من الخارج!