بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الثاني 2019 12:03ص من هنا تبدأ المؤامرة على الناس!

حجم الخط
موظفو المصارف أعلنوا الإضراب المفتوح، محطات البنزين أقفلت أبوابها بعد نفاد الكميات من مخزونها، الأفران مهددة بالتوقف بين ليلة وضحاها، رغم رفع سعر ربطة الخبز، الجامعات والمدارس مقفلة، اليوم إضراب عام وقطع طرقات وشلل عام يشل الحركة في البلاد.

كل مكونات هذا المشهد المخيف لم تُحرك أجفان المسؤولين، وتدفعهم لإستعجال خطوات تأليف الحكومة العتيدة. الاستشارات النيابية الملزمة ما زالت في عالم الغيب، رغم مرور 26 يوماً على اندلاع الانتفاضة، ورغم انقضاء 15 يوماً على استقالة الحكومة، مع كل ما يثيره هذا الفراغ في السلطة التنفيذية من تداعيات يومية تطال مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وتهدد لقمة عيش الملايين من اللبنانيين.

وبقدر ما تزداد الانتفاضة مناعة وقوة، بقدر ما تتفاقم الأوضاع تدهوراً على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والمعيشية، بقدر ما تتضاعف، بالمقابل، حالات الانكار والاستكبار والعناد لدى أهل القرار، وكأن البلد ما زال قادراً على تحمل ترف المناورات السياسية الفارغة، وإضاعة المزيد من الفرص الانقاذية، فيما سرعة الانحدار والوصول إلى الانهيار المريع تُحاكي سرعة الضوء!

تأخير الاستشارات النيابية، وهي الخطوة الدستورية الأولى، والملزمة لإطلاق عملية تأليف الحكومة، بعد تسمية الرئيس المكلف، يكشف مدى الضياع الذي يلف مراكز القرار، وعدم القدرة على مقاربة الانتفاضة، أسبابها ونتائجها، بالرؤية المناسبة، وبالسرعة اللازمة، وقبل أن تصل الأوضاع إلى نقطة اللاعودة، في كثير من الحيثيات التي يقوم عليها النظام السياسي في لبنان.

«نظرية المؤامرة» ما زالت تتحكم في تفكير بعض مراجع القرار، وكأن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين المتواجدين في الساحات وفي الطرقات هم عملاء ومأجورون لدى أصحاب «المؤامرة» المزعومة.

فهل يجوز التعامل مع ثورة الشعب ضد الفساد والظلم الاجتماعي والاهمال بلغة التخوين البشعة، عوض العمل على استيعاب غضب الشباب، ومعالجة أوجاع وآلام أصحاب الدخل المحدود والفقراء من المواطنين، الذين اطلقوا من عمق معاناتهم صرخة: «كلن يعني كلن»، بعد اليأس البغيض من قدرة هذه الطبقة السياسية العاجزة والفاسدة على تحقيق الحد الأدنى من الإصلاح المنشود.

المؤامرة على الوطن، وعلى هذا الشعب المنتفض تبدأ بهذا التجاهل المتمادي لثورة اللبنانيين، العابرة للطوائف والمناطق، وكل التقسيمات الحزبية، والاصرار على إدارة شؤون البلاد والعباد وكأن البلد في ذروة استقراره وازدهاره!