أن يعلن وزير المالية علي حسن الخليل بأن الدولة عاجزة عن تنفيذ مشاريع البنية التحتية الحيوية، ومعالجة المشاكل المزمنة، فهي أعلى درجات الإدانة لحالة التسيب والإهتراء التي تتردى بها الإدارات المعنية، وواقع الفساد المهيمن على الطبقة السياسية، وأزلامها في السلطة.
وزير المالية، وإلى جانبه وزير الزراعة، كانا يتفقدان طوفان نهر الغدير، والمآسي التي سببها لأهالي المنطقة المحيطة به والمكتظة بنسبة سكانية عالية، بما يشبه ما حصل في المناطق المنكوبة الأخرى، من جسر الضبية، إلى جسر الكولا، إلى طريق حامات ونفق رأس الشقعة، فضلا عن عشرات المناطق والقرى الجبلية التي عزلتها الثلوج، وحصلت على طرقاتها الإنهيارات، وتوقفت فيها حركة المرور.
لم يكن اللبنانيون ينتظرون العاصفة «نورما» ليتأكدوا من تدهور مستوى أداء الإدارات العامة، وتراجع نوعية تنفيذ المشاريع الحيوية، في الوقت الذي ضرب الفساد أرقاماً قياسية، وغير مسبوقة، حيث باتت ميزانية معظم المشاريع تفوق عشرات المرات كلفتها الحقيقية، وعمت روائح الصفقات والسمسرات، دون أي رادع أو حسيب، وأصبح التنافس بين العديد من المسؤولين ليس على خدمة الناس، وإنجاز المشاريع، بل أصبح سباقاً على تجميع الثروات بمئات الملايين، وفي فترات زمنية قياسية، على قاعدة من يُجمع أكثر يكون هو الأشطر!
نهر الغدير مثلاً مشروع طوفان سنوي في كل موسم شتوي، ويعترف الوزير الخليل أنه شخصياً واكب هذه المأساة الموسمية منذ سبع سنوات، ومع ذلك لم تُحرك الدولة ساكناً، ولم تبادر الإدارة المعنية، سواء وزارة الأشغال أو الطاقة والمياه، أو حتى مجلس الإنماء والإعمار، إلى إيجاد الحل الجذري لهذه المأساة المتكررة، رغم توفر الأموال اللازمة لهذا المشروع، كما أكد وزير المالية نفسه!
جسر الكولا، مثل آخر، تم تلزيم تأهيله بأرقام مليونية مذهلة ( ١٨ مليون دولار فقط لاغير!)، داهمت العاصفة عمليات الترميم السلحفاتية، فكان أن ظهر إنشقاق عرضي في وسط الجسر، تحولت المياه فيه إلى ما يشبه شلالات جزين!
جسر الضبية ليس بأحسن حال، حيث تبين أن مجاري تصريف مياه الشتاء ليست مدروسة كفاية، فكان أن تحول الجسر والمنطقة تحته إلى بحيرات هددت سلامة العشرات من عابري المنطقة.
سألنا بالأمس، ونتساءل اليوم : هل من يسأل ويحاسب من المسؤولين عن هذا التقصير، وما ينطوي عليه من إرتكابات فادحة في مالية الدولة، وتهديد مباشر لحياة المواطنين؟
ما زلنا نشك بذلك!!!