بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2024 12:16ص هل بدأت خطة النهوض والتطوير في دار الفتوى؟

المفتي دريان.. نهوض وإصلاح المفتي دريان.. نهوض وإصلاح
حجم الخط
هل بدأت خطة النهوض بمؤسسات دار الفتوى تأخذ طريقها إلى التنفيذ، بعد طول إنتظار ؟
السؤال قد لا يكون جديداً بالنسبة لمتابعي أوضاع المؤسسة الإسلامية الأم، التي  إلى جانب كونها مرجعية وطنية بقدر ما هي مرجعية إسلامية، تبقى الراعي الصالح للمجتمع الإسلامي، على اختلاف  جمعياته وهيئاته التربوية والإجتماعية والرعائية، وفي مختلف مناطق تواجده في المدن والأرياف. 
ثمة ثلاثة قرارات صدرت عن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الأسبوع الماضي، ويمكن أن تُشكّل بداية طريق الإصلاح والنهوض في مسار مؤسسات دار الفتوى، في حال استطاعت الإدارات الجديدة القيام بمهماتها بمسؤولية كاملة، وبعيدة عن التدخل، السياسي أو الشخصي لا فرق، الذي طالما أجهض محاولات النهوض والتطوير في مراحل سابقة. 
وقبل الخوض في تفاصيل القرارات المفصلية المهمة، لا بد من التأكيد على أهمية وضع البرامج الواضحة، والعملية، والقابلة للتطبيق، بعيداً عن الإستعراضات الغوغائية، والأساليب الشعبوية، التي تخبو فقاقيعها بأسرع من الزبد.
القرار الأول يتمحور حول المبادرة الأخوية التي أطلقها نائب بيروت فؤاد مخزومي من دار الفتوى، والرامية إلى إنشاء صندوق صحي لتأمين طبابة واستشفاء العلماء وأئمة المساجد والعاملين فيها ضمن نطاق العاصمة، في المرحلة الأولى، مع إمكانية توسع تغطيته إلى مناطق أخرى مستقبلاً. أهمية هذه المبادرة الكبيرة أنها تأتي في وقت تشتد فيه نفقات الطبابة والإستشفاء على أعضاء الجسم الديني في بيروت، بما لا يتناسب مع الرواتب التي يتقاضونها. علماً أن النائب مخزومي حرص على أن تشمل التغطية عائلات الذين يحق لهم الإستفادة من تقديمات الصندوق. 
التأمين الصحي للعلماء والعاملين في مؤسسات الإفتاء والأوقاف كان مطلباً مزمنآً منذ سنوات طويلة، وتحقق لفترة من خلال منحة كريمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تولت الجهات المعنية في أبو ظبي، وضع الآلية، وتأمين التمويل، ومتابعة التفيذ، ولكن تكرار الأخطاء، وظهور الشوائب والإشكالات، من الجانب اللبناني أدّى إلى تعليق العمل بهذه المكرمة من الأشقاء في أبوظبي، ووقف استفادة أكثر من ثلاثة آلاف عائلة في مختلف المنطاق اللبنانية. 
فعسى أن تستفيد الخطة الجديدة من أخطاء التجربة المريرة السابقة.
القرار الثاني يتعلق بتجديد إدارة صندوق الزكاة، الذي كان يُعتبر في زمن الإمبراطوريات الإسلامية «بيت المال المسلمين». لا ضرورة للخوض في تاريخ هذه المؤسسة العريقة في عهد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، والتي بلغت ذروة نجاحها بقيادته، رغم الظروف الصعبة التي كانت سائدة في سنوات الحرب السوداء. 
ولكن حالة عدم الإستقرار في رئاسة الصندوق في الفترة الأخيرة، فضلاً عن الترهل في بعض الإدارات التابعة له، والتقصير الحاصل في التواصل بين الصندوق وجمهور المسلمين، وعدم إبراز منجزاته وعطاءاته بالصورة اللازمة، كلها عوامل ساهمت في انخفاض واردات الصندوق، وتراجع إقبال القادرين من أصحاب الزكاة والصدقات، طبعاً مع الأخذ بعين الإعتبار التداعيات الناشئة عن إنهيار الوضع المالي، وحجز الودائع في المصارف. 
تعيين رجل الأعمال العصامي القنصل محمد الجوزو رئيساً لصندوق الزكاة، يعتبر خطوة موفقة في تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب. الرجل ليس غريباً عن أجواء الصندوق وأوضاعه المختلفة، شغل في الفترة الأخيرة منصب نائب الرئيس، وكان في معظم الأوقات يمارس صلاحيات الرئاسة، خاصة بعد تفرُّغ الرئيس السابق نبيل بدر لشؤون النيابة وشجونها. 
يملك الرئيس الشاب رؤية واعدة لدور الصندوق الاجتماعي والرعائي، وأتاحت تجربته في مسؤولية العلاقات الخارجية لتيار المستقبل فرصة الإطلالة على المجتمعات الإغترابية، التي من شأنها أن تلعب دوراً مؤثراً في تأمين موارد مجزية للصندوق ، على غرار ما كان يحصل في عهد المفتي الشهيد خالد. 
ولعل تعيين مدير مؤسسة مخزومي سامر الصفح نائباً للرئيس، يشكل عاملاً مساعداً لإنطلاقة جديدة للصندوق، عبر تضافر إمكانيات النائب فؤاد مخزومي وعلاقاته الفاعلة، مع قدرات وإتصالات الرئيس الجديد داخلياً وخارجياً، الأمر الذي من شأنه أن يسهل تجاوز العديد من العقبات والتحديات. 
القرار الثالث الذي صدر عن مفتي الجمهورية الأسبوع الماضي، قضى بتعيين رجل الأعمال المعروف محمد خالد سنّو، أميناً عاماً لهيئة الإغاثة الإسلامية التابعة لدار الفتوى، وذلك تتويجاً لعمله كمشرف لهذه الهيئة في السنوات الأخيرة، والتي أثبت خلالها قدرة على تلبية بعض الحاجات ضمن الإمكانيات المتاحة،  والمضي قدماً ببروتوكول التعاون مع مؤسسة الملك سلمان بن عبد العزيز السعودية. 
«أبو مازن» ليس بعيداً عن أوجاع مجتمعه، حيث عمل من خلال إتحاد العائلات البيروتية، رئيساً ثم داعماً وناشطاً، في تأمين ما تيسر من تلبية حاجات الأسر المتعففة.
*****
نعود إلى السؤال الأساس: هل بدأت خطة النهوض بمؤسسات دار الفتوى؟
الجواب عند صاحب القرار، سماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي يدرك بحكمته واستراتيجية رؤيته، أن مسار النهوض والتطوير والإصلاح صعب وطويل ومتشعب، ولكنه ليس مستحيلاً..، وقد بدأ بالخطوات الأولى في رحلة الألف ميل، على أن  تشمل الخطوات اللاحقة المؤسسات الوقفية!