بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الأول 2019 09:11ص هل نعود إلى أصول الموالاة والمعارضة..؟

حجم الخط
الاستشارات النيابية الملزمة التي أسفرت عن تسمية أكثرية ٨ آذار لحسان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة، يمكن أن تكون بداية لتصحيح الممارسة الديموقراطية، وإعادة التوازن للنظام السياسي، الذي أُصيب بخلل فادح في سنوات ما بعد الطائف، بسبب التطبيق الأعرج لمبادئ اتفاق الطائف، ولبنود الدستور المنبثق عنه.

الاستشارات رسمت خطوطاً واضحة بين ما يمكن اعتباره «أكثرية نيابية» من جماعة ٨ آذار بقيادة حزب الله، فرضت مرشحها لرئاسة الحكومة، وأقلية مشتته من بقايا ١٤ آذار، في مقدمتها تيار المستقبل والقوات اللبنانية، أحجمت عن تسمية مرشحها في السباق الحكومي، ولاذت بالورقة البيضاء، عوض خوض المواجهة السياسية حتى النهاية.

المطلوب ترجمة هذا الواقع في تأليف الحكومة الجديدة، بحيث يتم إختيار الوزراء من جانب الأكثرية فقط، والإقلاع عن لعبة التشكيلة التوافقية، التي حكمت تأليف حكومات الطائف، وعطلت ممارسة النظام الديموقراطي، القائم أساساً على قاعدتي الموالاة والمعارضة، وجعلت كل الكتل النيابية والقوى السياسية شريكة في السلطة، على حساب إلغاء مبادئ الرقابة والمحاسبة والمساءلة للسلطة التنفيذية، ومتابعة أعمال الوزراء، كما تقتضي الأصول البرلمانية العريقة.

 لعل من «محاسن» تشكيل حكومة اللون الواحد، أنها أنهت تجربة الحكومات التوافقية الإئتلافية، وما كانت تغرق به من محاصصات وصفقات، وشراكة في الفساد على حساب مصالح الدولة والناس، وكانت في صلب المسببات التي أوصلت البلد إلى هاوية الإنهيار الراهن، وما يسببه من أزمات مالية ونقدية امسكت بخناق الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.

أن تكون الحكومة العتيدة من اختصاصيين ومستقلين، لن يعفي وزراءها من المساءلة والمحاسبة في البرلمان، خاصة وأن في مقدمة مهماتها مكافحة الفساد، وإعتماد قواعد الشفافية والحوكمة في تحقيق الإصلاحات المنشودة، بحيث يتم إعادة الإعتبار لأهمية الثقة التي تنالها الحكومة ووزرائها، وقدرة مجلس النواب على نزع الثقة من أي وزير يُسيء استخدام صلاحيته لتحقيق منفعة خاصة، أو ممارسة أعمال تفوح منها رائحة فساد.

فهل تقوم الأقلية المعارضة بمهامها الوطنية والديموقراطية في مراقبة أداء حكومة الأكثرية، أم أنها ستلوذ بالصمت والأوراق البيضاء، كما حصل في الاستشارات النيابية؟