آخر ما كان يتوقعه اللبنانيون أن يصل مستوى الخطاب الرسمي إلى مستوى التهديد بقلب الطاولة، من الفريق المفترض إنه يشكل رافعة لمسيرة العهد المكبلة بسلسلة الأزمات السياسية والإقتصادية والمالية.
لا ندري إذا كان قلب الطاولة هو الحل الأنسب لإنقاذ البلد من الإنحدار الحالي المخيف، والناتج عن حالة العجز والتردد وغياب الرؤية والخبرة في معالجة المشاكل المتشابكة، والتي تهدد بإنفجار إجتماعي تأكل نيرانه ما تبقى من هيبة الدولة، ودورها في إدارة شؤون البلاد والعباد.
كان اللبنانيون يتوقعون دعوة كل الأطراف السياسية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية، والجلوس إلى طاولة حوار للبحث جدياً في الخطوات الإنقاذية السريعة والواجب إتخاذها بإجماع وطني، بعيداً عن المزايدات الشعبوية الرخيصة، وفي إطار خطة متكاملة لمكافحة الفساد ووقف الهدر، وتوافق الجميع على رفع الغطاء عن أصحاب الصفقات والسمسرات.
الحديث عن قلب الطاولة يذكر اللبنانيين بمراحل المغامرات المدمرة التي دفع لبنان، وما زال يدفع، أثمانها الباهظة دماً وخراباً ودماراً، في شطري بيروت، وفي مختلف المناطق الأخرى، لا سيما المسيحية منها.
والفارق الأساس بين الأمس واليوم، أن لبنان كان قادراً على تجاوز صعوبات المراحل السابقة بمساعدة ودعم الأشقاء العرب، في حين أن مثل هذا الاهتمام العربي غير متوافر اليوم، بسبب فقدان الثقة بالوضع اللبناني الراهن، فضلاً عن التطورات والمستجدات الأمنية في المنطقة العربية، بما فيها الخليج العربي، والتي قلبت سلم الأولويات لدى الأشقاء العرب.
ترى ألم يحن الوقت بعد ليدرك أهل الحل والربط، أن طريق الإنقاذ يبدأ من داخل السرايات الرسمية، وبإتخاذ القرارات الإصلاحية الجريئة، وقلب الطاولة على أصحاب صفقات الفساد والتنفيعات للمحاسيب والأزلام..؟