بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تشرين الثاني 2018 12:35ص أهالي جونيه يأكلون عصي التلوُّث وفاعليات المنطقة يتقاذفون المسؤوليات

حجم الخط
في وقت وضعت قضية التلوّث في جونيه، على طاولة المرجعيات من كافة القوى السياسية الحزبية والجمعيات البيئية وأهالي المنطقة، وفي حين يجمع المعنيون مبدئيا على أسباب التلوث في جونيه، والتي تتلخص بانبعاثات معمل الذوق الحراري وزحمة السير والتلوث الناجم عن المولدات الخاصة، إلا ان الآراء اختلفت حول كيفية معالجة القضية أو القضايا المسبّبة لهذا التلوّث.
ومع اختلاف الآراء وتقاذف المسؤوليات بين مجلس الوزراء ووزارة الطاقة ولجنة الطاقة النيابية ومجلس الإنماء والأعمار ضاعت الطاسة، في حين ان ابناء جونيه ما زالوا يأكلون العصي ويبدو ان لا حل فعليا يلوح في الأفق.
الحواط
نائبا كتلة «الجمهورية القوية» زياد الحواط وشوقي الدكاش وضعا نفسيهما في تصرّف الأهالي لإيجاد الحلول للتلوث في جونيه، وتساءل الحواط عن سبب التقاعس، رغم وعود وزارة الطاقة بمعالجة الموضوع طوال 11 سنة، مؤكدا أنّه جاهز كنائب عن المنطقة للتعاون من أجل ايجاد الحلول.
الدكاش
{ أما النائب الدكاش فوجّه الكلام إلى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل، وقال له نريد أن نكون يدا واحدة لتطبيق القانون بعيدا عن النكد سياسي، داعيا إلى اعتماد سياسة المزدوج والمفرد في لوحات السيارات كخطة سير سريعة لتخفيف الازدحام والتلوّث.
نوّاب تكتل «لبنان القوي» دخلوا على خط الاصلاح في جونيه، من باب الحلول المنطقية لوضع حد للتلوث، رافضين وصف جونيه بالمدينة الملوّثة.
روكز
{ ووضع النائب شامل روكز خطة لمعالجة التلوّث عبر اعتماد الغاز بدلا من الفيول، وأكد ان المناقصات بدأت في هذا الموضوع، كما طالب بالإسراع بتلزيم اوتوستراد كسروان لتنظيم السير، ووجّه نداء إلى البلديات في المنطقة لتدارك موضوع ازدياد زحمة السير عند بدء اشغال توسيع الأوتوستراد.
واعتبر النائب روكز أنّ وجود المولّدات الكهربائية من دون فيلترات هي مسؤولية البلديات التي من الضروري اتخاذ الإحتياطات اللازمة، رافعاً حصر المسؤولية عن وزارة الطاقة، ومعتبرا أنّه يجب على جميع الوزارات اتخاذ القرارات المناسبة وبسرعة.
وزارة الطاقة
{ من جهتها، أوضحت وزارة الطاقة أنّ المعمل الجديد في الذوق يعمل على الغاز الطبيعي فيما لا يمكن تشغيل المعمل القديم على الغاز، ويحتاج استبداله بمعمل جديد صديق للبيئة الى وقت.
وأشارت وزارة الطاقة إلى أنّها لم تكن غافلة عن الموضوع، ومنذ 2011 وقد اتخذت إجراءات حين استلم «التيار الوطني الحر» الوزارة، لتخفيف التلوث، مؤكدة أنّه «لو حلّت مسألة الكهرباء في الوقت المحدد وفق خطة الكهرباء، لما كنّا نعاني من تلويث المولدات الخاصة التي كان يجب ان تتوقف، في ظل كهرباء 24 على 24.
وأوضحت مصادر وزارة الطاقة أنّه فيما أعمدة شركة الكهرباء مدروسة لتخفيف التلوّث لأنّها ترتفع عن الارض 60 مترا، تقوم أعمدة المولّدات الخاصة التي ترتفع بين مترين وثلاثة الى تلويث كبير في الاحياء السكنية.
التغيير والإصلاح
{ «تكتل التغيير والاصلاح» أوضح أنّه تقدّم بمشروع قانون للسماح بدخول السيارات العاملة على الغاز الطبيعي، لكنه ما زال محجوزا لدى لجنة الطاقة والاشغال، كما تم التواصل مع وزارة البيئة لإلغاء تام للتعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية والهجينة، وهو إجراء يقلل من التلوث الناتج عن قطاع النقل، وانبعاثاتها هي أقل بـ 27 مرّة من السيارات العادية، مؤكدا أنّهم لن يقفوا مكتوفي الايدي، وسيتعاونون مع نواب كسروان ورؤساء البلديات لخير المنطقة وتحسين ظروف عيش أهلنا فيها.
حبيش
{ بدوره، أوضح رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح رئيس بلدية جونيه جوان حبيش أنّ «التقرير قال بأنّ هناك تلوّثًا في جونيه، ونسبته زائدة، وهذا صحيح، ولكن لدينا مشكلة تلوّث في كل لبنان، ونحن في حاجة إلى معالجتها»، لافتًا إلى أنّه «بالنسبة إلى معمل الذوق لتوليد الطاقة الكهربائية، فإنّنا إلى اليوم لم نصل إلى التأكّد من نسبة التلوث الصادرة عنه، وإذا أصبح تشغيله على الغاز، فنسبة التلوّث ستخف، وإذا تمّ إيقاف المعمل والاعتماد على الطاقة المتجدّدة، نسبة التلوث تنعدم».
وشدّد حبيش على أنّه «لا توجد وسائل نقل عامة أو قطارات، والتي يجب أنْ تشغّلها أو تلزيمها للدولة»، واصفاً أنّ «عدد السيارات فاق قدرة الطرق على الاستيعاب»، وكاشفًا عن أنّه «يُعمل على تلزيم 4 محطات تكرير للصرف صحي: المحطة الأولى لُزّمت في ميروبا، الثانية قيد التلزيم خلال الشهرين المقبلين في أدما، والثالثة قيد الدرس في ذوق مصبح وهذه المسؤولية مجلس الانماء والاعمار».
افرام
{ من ناحيته، رفض النائب نعمة افرام وصف جونيه بالمدينة الملوثة، واعتبر ان «السبب الرئيسي لهذا التلوّث هو المولّدات الخاصة المنتشرة في الاحياء»، مشيرا إلى أنّ «مدينة جونيه وعلى الرغم ان عدد سكانها اكبر من عدد سكان جونيه، إلا أنّه ليست فيها مولدات خاصة في احيائها السكنية»، ومعتبرا ان «الحل للتخفيف من التلوث يكون بتغيير الحراقات للمولّدات القديمة، كما أن أحد اسباب التلوّث ايضا في جونيه، ناتج عن معمل الذوق الذي يحرق فيول، أكثر مما هو مصمّم له»، مشيرا إلى أنّ «أبناء كسروان يأكلون العصي وتضييع الوقت والتأخر باتخاذ القرارات هو أكثر ما يضر باقتصادنا وبصحة أولادنا».
الخازن
{ النائب فريد هيكل الخازن توجّه بسؤال للحكومة عبر رئاسة المجلس النيابي، متمنيا أجوبة واضحة والتزاما كاملا من الحكومة بوضع حدٍّ للتلوث القاتل في الذوق.
عازار
{ أما عضو تكتّل «لبنان القو»ي النائب روجيه عازار فأكد أنّ مشكلة البيئة موروثة وليست وليدة اللحظة، ولا يمكن التوصّل إلى حلّ بين ليلة وضحاها، مشدّدا على أنّ المطلوب خطط مدروسة لمعالجة مسببات هذا التلوّث، ولافتاً إلى أنّ وزراء الطاقة ضمن تكتل «التغيير والإصلاح» عملوا منذ العام 2011، على تجديد تجهيز مجموعات الانتاج في معمل الذوق لناحية التقنيات العصرية التي تخفّف من حدّة الانبعاثات السامة في الجو و لولا هذه الخطوات لكان الوضع أسوأ بكثير وأضاء على تجربة التكتل المريرة في موضوع الغاز إذ تم إنشاء معامل تعمل على الغاز دون تأمين الغاز المطلوب لتشغيلها.
وفي مسألة الصرف الصحي، أوضح عازار أنّ الموضوع وضع على السكة الصحيحة إذ تم تلزيم محطّة ميروبا وقد تم توقيع العقود الإدارية لمحطّة أدما غزير. أما محطّة ذوق مصبح فما زالت قيد الدرس على أن يتم تلزيمها في أقرب وقت ممكن، مشددا على ضرورة إلزام المصانع اعتماد تقنيات حديثة تخفف التلوث الناتج عنها وفرض غرامات على كل من لا يلتزم بالمعايير والشروط البيئية.
وناشد عازار المعنيين بضرورة شبك الأيدي لإطلاق خطّة طوارئ بيئية أقلّه على صعيد كسروان الفتوح، وبدء العمل بالحلول المطروحة لأن الربح في السياسة مقابل فقدان أحبّائنا وأولادنا خسارة وفشل، داعيا إلى تشكيل لجنة لمتابعة قضية التلوث لإنقاذ بيئتنا وحياتنا.
وفي ضوء التقارير الواردة اقترحت جمعيات أهلية وبيئية تقطن المنطقة، 1- إنشاء جسر بحري ما بين الكسليك وشمال المعاملتين، وهو بطول 4 كيلومترات وبكلفة تقدر بنصف مليار دولار (أي ما يعادل عجز مؤسسة كهرباء لبنان عن 3 أشهر او 59 % من الاعتماد المقرر لتنظيف نهر الليطاني)، ويمكن تنفيذ الجسر المذكور بطريقة تعرف بالـ (BOT) التي تعني بان شركة او مجموعة شركات متخصصة تتولى انشاء المشروع وتمويله واستثماره على مدة زمنية يُتفق عليها وتكون عادة في حدود الـ/20/ سنة، ومن ثم يعاد الى الدولة، وهو ما أضأنا عليه في مقال سابق. مع العلم بان المشروع المقترح الذي يُبعد الانبعاثات السامة عن المدينة فانه يزيل عن كاهلها وكواهل جميع اللبنانيين الحمل الثقيل المتمثل بإرهاق اعصابهم نتيجة الانتظار الطويل وضياع وقتهم الثمين المنتج، وما يعكسه ذلك من تراجع القدرة الشرائية للفرد وانحسار الدخل القومي للوطن ككل.
2- صيانة مولدات الذوق القديمة وتزويدها العاجل بمصافٍ (Filters) أكثر تطورا بانتظار استبدالها كليا بمحطة توليد تعمل على الطاقة الشمسية. مع العلم بأن المصافي الحديثة المقترحة لداخونيّ معمل الذوق الحالي، والتي تخفف لحدّ بعيد من الانبعاثات الملوثة المشكو منها، لا تتعدى قيمتها الـ/ 250 / ألف دولار أميركي.
3- تجهيز قضاء كسروان بشبكات مجارير ومحطات تكرير بدلا من الجور الصحية المعمول بها حاليا، منعا لتسرب مياه الصرف الصحي، عبر القنوات الجيولوجية او المياه الجوفية، الى شواطئ جونية وتلويث بحرها وإلحاق الضرر بأهلها وببيئتها.
4- حثّ ومساعدة بلديات القضاء على أنشاء معامل فرز وإعادة تدوير ومعالجة النفايات للحيلولة دون رميها عشوائيا على جوانب الطرقات او داخل الأملاك العامة لما يسبّبه ذلك من انجراف تلك النفايات نحو البحر وافرازها روائح غير مستحبّة وتبخرها غازات ملوثة وسامة في الهواء.
وبين تناقض الآراء وكثرة الحلول المقترحة وتشعّب المرجعيات المعنية وتداخلها، تبقى جونيه جميلة كسروان، وللاسف على الخط الساخن لقائمة المدن الأكثر تلوثا في العالم بثاني أوكسيد النيتروجين.