يسألونك ماذا حلَّ بنا اليوم؟.. وما الذي دفع بنا ومجتمعنا إلى حافة الإنهيار؟... وكيف وصلنا إلى الإفلاس المادي، وقبله الإفلاس الفكري والثقافي؟...
والجواب أنه وأمام هذا المشهد كان لا بد من جملة تعليقات...
وهذه التعليقات انك عندما تدرس الإبتدائي ست سنوات والمرحلة المتوسطة ثلاث سنوات والمرحلة الثانوية ثلاث سنوات وأربع سنوات في الجامعة أو خمسة لتعمل بعدها في سوق الخضار.. وأيضا عندما تكتظ المقاهي بالشباب وتشكو المساجد والمكتبات من الغياب...
وعندما يستضيفون راقصة لتتحدّث عن تحرير فلسطين، وعندما يكون هناك ستة ملايين عامل أجنبي في بلدك وثلاثة ملايين عاطل عن العمل.
وانه عندما تكون هناك عشرات القنوات والصحف تهتم بالرياضة، ولا تكون ولا تجد من يهتم بالأمور العلمية والدينية.
وعندما تقود سيارتك الأميركية وتأكل «الهمبرغر» وتشرب الـ «بيبسي» ثم تطالب بمقاطعة المنتجات الأميركية...
وأنك عندما لا تحصل على الترقية في عملك إلا بالواسطة... ولا تحصل على تقدير في الجامعة إلا بالواسطة...
ولا تجد الوظيفة إلا بالواسطة....
ولا تحصل على حقوقك إلا بالواسطة...
وعندما ندفع مئات الآلاف لفنان أجنبي ليغنّي ساعة ونصف، في حين أن مئات الآلاف دون وظيفة وملايين من الفقراء..
انها مصطلحات الإحباط التي تدمّر معنويات أبنائنا وجيلنا الصاعد وهي تدرج ضمن معادلة حسّاسة لا نشجّع عليها أبدا لأن تربيتنا تفيد أن الواجب علينا أن نكون متفائلين وأن لا نترك التشاؤم يتسلل إلى جنبات نفوسنا فيسيطر علينا.
إن المحن تتوالى على المجتمعات وعلى الأمم ولكنها لا تدوم... بل تزول ومن يقرأ التاريخ يتلمّس أن محنا كانت أكبر من محنتنا اليوم وقيض الله للأمة رجالا أنقذوها من البلاء الذي عمّ بها.
وأننا أمام هذا الواقع المأساوي نحتاج إلى رجال أوفياء صادقين مع أنفسهم أولا... والمرآة (المراية) لا تشكو من شيء إن وقفوا أمامها وشاهدوا أجسادهم وتحسّسوا ملامح وجوههم وتذكّروا انهم ليسوا أرقاما في سدّة المسؤولية..
نحتاج إلى رجال كصلاح الدين يستثمرون الكفاءات ويستخرجون معادن الرجال الثمينة ويعيدون بيت المقدس إلى عرين الأمة ويسترجعون الكرامة التي ضاعت في أكثر من مكان جرّاء النكبات التي ألمّت وتلمّ ببلدنا وبعالمنا العربي والإسلامي..
نحتاج إلى رجال ينزلون عن عروشهم التي نسوا انهم اعتلوها بالأمس وأنها لو دامت لغيرهم ما آلت إليهم وأن يبادروا اليوم قبل الغد إلى ما يخلّد ذكراهم وما يرضي ربهم بالنهوض بمجتمعنا من المستنقع الذي وقعنا فيه... ولات ساعة مندم!!!
انها أمانة... انها ندامة لمن ضيّعها {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة}..