بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الأول 2018 12:03ص أكرموا اليتيم

حجم الخط
الشيخ محمد الخانجي*

لقد ذكَر اللهُ سبحانه وتعالى في القرآن الكريم اليتيمَ في آيات متعددة، كلها توصي به، أو تبيِّنُ رحمةَ الله به؛ لتعويضه عن اليُتم؛ منها قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، كما أخبَر اللهُ تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم عن يُتمه، وأنه رعاه في يتمه؛ حيث انتَقَل في كفالةِ الأمناء والمحبين له، من جدِّه إلى عمِّه، إلى أن بلغ أشده؛ فقال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} ثم أوصاه باليتيم ومحبتِه ورعايته بعد أن ذكَّره بحالته ورعاية الله له، فقال: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} وقد أحبَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأيتامَ عمومًا، وذوي قُرباه خصوصًا، فأوصى بهم؛ فعن أبي هريرة أن رجلاً شكا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قسوةَ قلبِه فقال: «امسَحْ رأسَ اليتيم، وأطعِمِ المسكينَ».
والإسلام جعل من السبع الموبقات التي توبق صاحبها وتدخله نار جهنم (أكل مال اليتيم) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ»، فاليتيم هو طفل اليوم ورَجُل الغد، وإذا كانت سلوكيات كل إنسان أسيرة توجيهات وُجه بها في صِغره، فيجب علينا أن نحيط هذا اليتيم بمزيد من الاهتمام والعناية، فإن اليتيم إذا أخذ حقه من التربية الطيبة والتوجيه السديد، كان له الأثر الطيب في المجتمع، وإذا أُهمل هذا اليتيم في صغره، ونشأ تنشئة سيئة فإنه يكون خطراً على مجتمعه، ولذلك اهتم القرآن الكريم، بالوصية باليتيم، من حيث تربيته، وحُسنِ معاملته، والمحافظة على ماله، وعدم امتداد الأيدي إليه إلا بالخير، فالقرآن والسُّنة لم يتركا شيئاً دقيقاً يتعلق بأمر اليتيم إلا وبيناه حتى إنهما لم يتركا استدراكاً لأي مستدرِك، ولقد سبق القرآن بذلك كل العلوم الإنسانية الحديثة التي لم تأت إلا بقليل من كثير وغيض من فيض، وذرة من جبل، وأين هذه التعاليم المبتورة القاصرة بجانب تعاليم الحكيم الخبير، الذي ما فرَّط في القرآن من شيء.

* إمام وخطيب مسجد قريطم