بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 أيلول 2018 12:02ص إختيار الصحبة

حجم الخط
بهيرة خير الله* 

يُقال «الصاحبُ ساحب»؛ وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : (المرءُ على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل)، والخليل هو المقرب، من كانت بينك وبينه محبة ومودة وصحبة، وهي إن قامت على التقوى فنعمَّا هي، وإن قامت على الهوى والانحراف فقد تكون صحبتك لفلان هذا وبالاً عليه في الدنيا والآخرة وقتها ستقول: (يَا وَيْلَتَي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا)، وهنا نذكر «عُقبة بن أبي معيط» كان خليلا لأُمَيَّة بن خلف، فأسلم عُقبة، فقال أمية: وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا، فكفر، فكانت صحبته له وبالاً عليه في الدنيا والآخرة.
فمن دروس الهجرة النبوية التي ما زلنا في رحابها نجد أن صاحب رسول الله في رحلة الهجرة كان أبو بكر الصديق، الذي صدَّقه ليلة الإسراء والمعراج، والذي بذل نفسه وماله في خدمة هذا الدين وهذا النبي، والذي تعلق قلبه للهجرة وكان رسول الله يقول له: (انتظر يا أبا بكر ولا تعجل، لعلَّ الله يجعل لك صاحبا!)، فطار فرحا وبكى يوم جاءه النبي معلنا أنه قد أذن له الله في الخروج والهجرة، فقال: (الصحبة يا رسول الله الصحبة)؛ فكان خير صاحب دخل معه في الغار يكنسه ليأمن صاحبه فيلدغ، ويمشي أمامه ساعة وخلفه ساعة خوفا عليه من الرصد والطلب من المشركين، فيقول له النبي: (يا أبا بكر، لو كان شي أحببتَ أن يكون بك دوني؟ فيرد عليه: «إن قُتلتُ أنا قُتلتُ وحدي، وإن قُتلتَ أنتَ هلكت أمةً)؛ وهكذا كانت مشاعره يفدى نفسه ليبقى الحبيب المصطفى.
وهذا نهج كل الأنبياء من قبل في اتخاذ الصحبة الصالحة؛ فنجد أول مهاجر بدين لله أبو الأنبياء إبراهيم الخليل- عليه السلام- كما قال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي}، يخرج مهاجرا من دار الكفر بالعراق تصحبه زوجه سارة، وابن أخيه لوط بن هاران، إلى الشام ليقوما بنشر دين الله.
ومن بعده نجد موسى- عليه السلام- يخرج من مصر مهاجرا إلى الشام بقومه من بني إسرائيل، يصحبه أخوه هارون- عليه السلام- ليكون له ردءًا ووزيرًا يشد به أزره ويشركه في أمره.
ومن بعدهم، وعلى هديهم، يجب أن تكون الصحبة مع من يشارك صاحبه في هجرة المعاصي والفسوق والفجور والخُلُق السيّي والمعاملة الفظَّة والسلوك المنحرف وكل ما نهى الله عنه، كما قال تعالى: {فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّه}، وكما قال رسول الله: (والمهاجر من هجر ما حرَّم الله عليه) وهجرة أهل المعاصي حتى يرجعوا تأديبا لهم فلا يُكلَّمون ولا يُخالَطون حتى يتوبوا، كما فعل النبي مع كعب بن مالك وصاحبيه الذين تخلَّفوا عن الخروج معه إلى غزوة العُسرة.
  * داعية مصرية