أكد وزير الأوقاف المصري د. محمد مختار جمعة على أن مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في دورته الـ29 يفتتح اليوم السبت ويعقد على مدار يومين، وذلك تحت عنوان: «بناء الشخصية الوطنية وأثره في تقدم الدول والحفاظ على هويتها» يحضره ٥٠ وزيراً ومفتٍ ومسؤولًا وكبار العلماء والباحثين والمفكرين من مختلف دول العالم، كما يستعرض 41 بحثاً، بمشاركة جاليات من 70 دولة، برعاية رئاسة الجمهورية المصرية وحضور مفتي مصر وعلماء الأزهر ورئاسة د. محمد جمعة وزير الاوقاف.
واشار في تصريحات له ألقاها خلال مؤتمر صحفي عقده مؤخرا وبحضور د. أحمد عجيبة أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية, ود. الشحات الجندي رئيس الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية، وأ. أحمد عبد الهادي وكيل الوزارة للشؤون المالية والإدارية بالمجلس, ود. سامي الشريف أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، وعدد من قيادات وزارة الأوقاف, ولفيف من السادة الصحفيين والإعلاميين والمفكرين والمثقفين، أوضح أن هذا المؤتمر يأتي في نطاق عالمي واسع، يظهر من خلال عدد الدول والشخصيات المشاركة, مشيرًا إلى أنه أصبح لدينا مشروع تنويري كبير اتضحت معالمه لبناء الإنسان فكريًا ودينيًا.
أهمية كبيرة للمؤتمر
وفي سياق متصل أكد جمعة على أن أهمية المؤتمر تأتي في مرحلة فاصلة، كإشارة للبدء في بناء الإنسان فكريًا وثقافًيا ودينيًا بما يبرز مشروعية الدولة الوطنية ويسهم في الحفاظ على هويتها، مبينًا أن هناك حاجة ملحة في بناء الشخصية الوطنية.
مؤكدا على أهمية التفرقة بين النص المقدس والشروح والحواشي غير المقدسة والأحكام والآراء المبنية على العرف والعادة, وبيان ما يترتب على تغير الأعراف والعادات, وما قرره الفقهاء في قواعدهم الكلية في هذا الشأن، مما لا غنى عنه لكل من يتحدث في الشأن والخطاب الديني, وبالتالي نزع القداسة عن غير المقدس من الأشخاص والأفكار وقصرها على الذات الإلهية، والكتاب والسن، وكذلك التفرقة بين الثابت والمتغير والأحكام المبنية على هذه التفرقة, مؤكدا أن الخلط بين الثابت والمتغير وعدم التمييز بين الآثار المترتبة على فهم طبيعة كل منهما أحد أهم المشكلات التي تواجه الخطاب الديني، وأن فهم طبيعة الثابت وطبيعة المتغير وآليات التعامل مع المتغير في ضوء متغيرات الزمان والمكان والأحوال أحد أهم مرتكزات تجديد وتصويب المفاهيم الخاطئة في كثير من القضايا العصرية، فإنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت، وإنزال المتغير منزلة الثابت طريق الجمود والتحجر.
كما أكد على ضرورة الانتقال إلى دائرة الفهم والوعي، وأننا نحتاج إلى مواصلة إحياء المناهج العقلية في التعليم وإحلال مناهج التفكير محل مناهج الحفظ والتلقين؛ لأن الجماعات المتطرفة تلقفت البعض بهذه الترهات، حيث بدأت بالتلقين والحفظ في مسائل الأحكام الجزئية, وعدم إعمال العقل والمناقشة؛ لأن العقلية التي تفكر وتناقش لا تنقاد وراء هؤلاء، وأن التقليد الأعمى الذي لا بصيرة له يُوقع صاحبه في براثن الأفكار المتطرفة والإرهابية.
موضحاً أنه مساهمة في بناء الوعي والبناء العلمي أعدّت الوزارة أكبر مشروع تنويري لعام 2019م في عدة مجالات، منها: التأليف والترجمة، حيث تقوم الوزارة بإصدار سبعة إصدارات متميزة، وهي: كتاب «بناء الوعي»، «الكليات الست» لمعالي وزير الأوقاف، و«حماية دور العبادة», وكتاب «الإلحاد ومخاطره»، و«الحوار الحضاري بين الشرق والغرب»، وكتاب «الشخصية الوطنية وأثره في استقرار المجتمعات والدول» , كاشفًا معاليه أنه سيتم عقد جلسة نوعية للمرأة تضم سبع عالمات وواعظات ليتحدثن عن بناء الشخصية الوطنية, ونؤمل أن يكون عام 2019م فيه نقلة نوعية في مجال التدريب من خلال أكاديمية الأوقاف.
وفي ختام كلمته أكد وزير الأوقاف المصري أن المؤتمر سيطلق رؤية من مصر حول أهمية تعزيز الشخصية الوطنية، من خلال مناقشة خمسة وأربعين بحثًا , وبمشاركة وزراء الأوقاف والمفتيين والعلماء والمفكرين من مختلف دول العالم.
كلمات أخرى
أما د. الشحات الجندي فقدم في كلمته التي ألقاه في المؤتمر الصحفي الشكر لوزير الأوقاف على دعمه للجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان، مشيرًا إلى أن أهمية هذه الجامعة تأتي وسط دول تريد استعادة دورها الإسلامي, وتقوم مصر بدور ريادي في رعاية هذه الجامعة, وقد أولتها وزارة الأوقاف كل دعم وتأييد, مؤكدًا أن الرؤية الوسطية هي؛ إذ إنها تمثل الثقافة الإسلامية الوسطية، بعيدًا عن التطرف, كما أنها سفارة علمية دعوية تعليمية.
وبدوره ثمّن د. سامي الشريف الدور الكبير الذي يقوم به وزير الأوقاف في تبنيه مبدأ الشفافية، فهو بحق رجل دولة يؤثر المصلحة العامة على غيرها، مؤكدًا أن اختيار موضوع المؤتمر له أهمية بالغة، فإن بناء الشخصية جزء أساس من الدين لا سيما وأن الشخصية المصرية والعربية قد تعرضت لأحداث أثرت فيها تأثيرًا سلبيًا، كما أن العولمة تريد القفز على هوية الدولة؛ لذا فقد جاء المؤتمر موفقًا في اختيار عنوانه ووقته.
أبحاث وقضايا هامة
ويشار الى أن المؤتمر هذا العام يناقش أبحاثا وقضايا هامة، وسيتم إصدار العديد من الكتب من بينها «قواعد الفقه الكلية»، وهو عمل مشترك لكل من وزير الأوقاف ومفتي مصر الدكتور شوقي علام ومجموعة من العلماء، والكليات الست، الإلحاد ومخاطره.
كما سيتم افتتاح أكاديمية الأوقاف لتدريب الأئمة والوعاظ على هامش مؤتمر الأعلى للشؤون الإسلامية، وتخصيص جلسة عن دور المرأة يحاضر فيها ويديرها بالكامل متحدثات، وهم ٣ من الخبيرات و٤ من الواعظات. ولفت الوزير الى ان المؤتمر سينظم جولة سياحية وثقافية إلى مجمع الأديان والأهرامات؛ للتعرف على الحضارة المصرية، والتأكيد على روح التسامح والتآلف والتعايش وقيم المواطنة التي تجمع بين أبناء الشعب المصري.
محاور المؤتمر
ويذكر أن وزارة الأوقاف المصرية تعقد بداية كل عام مؤتمرها الدولي للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ويبحث أحد القضايا العصرية، بمشاركة وفود وعلماء دين من معظم أنحاء العالم.
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن محاور المؤتمر ستكون على النحو التالي:
المحور الأول: الخطاب الديني والثقافي وأثره في بناء الشخصية.
المحور الثاني: التعليم وأثره في بناء الشخصية.
المحور الثالث: الإعلام وأثره في بناء الشخصية.
المحور الرابع: الأسرة ودورها في بناء الشخصية.
المحور الخامس: المؤسسات الوطنية ودورها في بناء الشخصية – القوات المسلحة المصرية نموذجًا.
المحور السادس: مشروعية الدولة الوطنية وأثر بناء الشخصية الوطنية في الحفاظ عليها.