بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 حزيران 2018 12:03ص إمام الدُعاة

حجم الخط
في مثل هذه الأيام تمر علينا الذكرى الرابعة عشرة لوفاة إمام الدعاة العالم المجدد الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالى، وهو الرجل الذي رحل عن دنيانا يوم 17 حزيران 1998 تاركا خلفه إرثا إسلاميا قيّما لا يزال العالم العربي كله ينهل من معينه حتى يومنا هذا كدلالة واضحة على مدى التأثير الطيب الذي تركه هذا الكبير في نفوس وعقول وفكر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها...
فالشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى الذي فرغ حياته كلها لخدمة كتاب الله تعالى لم يكن دخوله مجال الدعوة ميسَّراً أو سهلاً، بل شاقاً وصعباً لأنه جاء في فترة زمنية مليئة بالمشاكل والمصاعب والمعوّقات التي تعترض طريق الدعوة والدعاة والتي قد تصل بصاحبها إلى مرحلة السجن أو حتى الإعدام كما حصل لكثيرين من أبناء عصره، ولكنه رفض الواقع الفاسد والمظلم وانتفض كما عدد من العلماء الثقات معه وراح يظهر للناس مواطن الباطل في الحياة التي يعيشونها حتى لا يكون شاهدا على زور أو بهتان أو فساد أو ظلم أو جهل.
ومن معالم تميز منهجه في خواطره أنها شمولية الطابع حيث كان رحمه الله تعالى يعتمد على الاستقراء ويطلب العلم من كل طرقه ومنابعه فيقرأ في جميع العلوم ثم يوظف كل ما سبق في خدمة القرآن الكريم حتى يوصله إلى الناس بأسلوب بسيط ميسر، يمكنهم من الالتزام به عن اقتناع تام فتكون عباداتهم عبادة العالم لا عبادة الجاهل المعتمدة على التقليد، وهذا الأمر جعل الشيخ الشعراوي يوظف كل ما أتيح له من معارف وعلوم في خدمة آيات القرآن الكريم، وذلك لأنه كان يعلن وبصراحة تامة أن القرآن الكريم يصطدم مع الجهل ومع الشك ومع الظن ومع الوهم ومع التقليد ولكن القرآن لا يصطدم أبدا مع العلم ذلك أن منزل القرآن هو خالق الكون، ومادام القائل هو الخالق فلا بد له أن يعلم ما لا نعلم، ولا بد أن يتفق القول مع العمل.
طبعا .. لسنا هنا في مجال استعراض للأعمال والفضائل التي قدمها الراحل الكبير الشيخ الشعراوي لأمته، ولسنا في وارد الحديث عن الثواب الذي ناله أو سيناله جزاء لما قدم، فهي أمور ليست في يد عبد من عباد الله وإنما هي فقط في علم الخالق وحده، فهو الذي يعلم ما تبدي النفوس وما تخفي وهو سبحانه من سيجازي الناس على أعمالهم... ولكن ما نريد إظهاره هنا هو أنه علينا الاستفادة من سيرة وعلم هذا العالم الكبير وأمثاله في حياتنا حتى لا نكون عالة في مجتمعنا المليء بالعالات.... 
فنحن الذي أكرمنا الله تعالى بالإسلام لا يجوز لنا بأية حالة من الحالات أن نكون مجرد مخلوقات مرت على هذه الدنيا ثم رحلت.. بل علينا أن نسعى بكل الوسائل الممكنة لنكون من أصحاب التأثير البناء والإيجابي ليس في مجتمعنا فحسب وإنما في المجتمع الانساني كله... فلا نفعل إلا ما يفيد ولا نقدم إلا ما ينفع ولا نقول إلا ما فيه الخير ولا نسعى إلا إلى التقدم والإصلاح ولا نشارك إلا في المعروف... فهل يا ترى سنعمل أم سنبقى نتكلم ونتكلم ونتكلم.....؟!