د. خالد عبدالعال نصر
أن إحياء ليلة النصف من شعبان بتلاوة القرآن وقيام الليل والإكثار من الدعاء وإصلاح ذات البين وترك الشحناء والبغضاء استعدادا لشهر رمضان والعمل على رفع قيم المحبة والمودّة، فلا يعقل أن يقدم علينا رمضان ونحن في شحناء وبغضاء، وعلينا فتح صفحة جديدة مع الله ومع الناس بالالتزام بالأخلاق وأن نحوّل قبلة الحياة إلى الحب والمودّة والأمن والأمان وأن نعمل لخدمة مصرنا وما ينفعها بأن يخلص كل منا في عمله، فيبدأ بنفسه، هذا هو الاحتفال الحقيقي خاصة عندما تكون ذنوبنا كثيرة وتتراكم وتأتي مواسم الطاعات والنفحات لتكون كفّارة للذنوب وترك الشحناء فهي ليلة الشفاعة لمن يمتثل بسنّة النبي عليه الصلاة والسلام.
وليلة النصف من شعبان لها فضائل عظيمة أوردتها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه ليلة النصف إلا لمشرك أو مشاحن) وقد أجمع المسلمون في كافة العصور والأزمان منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، حتى وقتنا هذا على أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة طيبة، لها منزلتها العظيمة عند الله تعالى، وخلالها يتمُّ قراءة القرآن والتصدّق فيها، كما يفضّل فيها على المسلمين قيام الليل وترك المشاحنة والخصام، وهي ليلة لها مكانة في قلوبنا، وفيها يطلع الله سبحانه وتعالى على المسلمين.
ومن الأدعية المحبّب الدعاء بها ليلة النصف من شعبان أن نتوجّه إلى الله بقول: «اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِياً أَوْ مَحْرُوماً أَوْ مَطْرُوداً أَوْ مُقَتَّراً عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي، وَأَثْبِتْنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيداً مَرْزُوقاً مُوَفَّقاً لِلْخَيْرَاتِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: «يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ».. إِلهِي بِالتَّجَلِّي الْأَعْظَمِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ، الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ».
* أستاذ بكلية أصول الدين - جامعة الأزهر