بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 نيسان 2018 12:02ص الإسراء والمعراج في كلام الداعية الإمام

حجم الخط
تميز فضيلة الامام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله باسلوب بسيط وميسر في دعوته إلى الله تعالى، فكان كلامه سهلاً ومفيداً وعميقاً يفهمه الأمي كما المتعلم والغني كما الفقير، مما جعله يصل إلى قلوب وعقول الناس بسلاسة ومودة ومحبة، وكل ذلك انطلاقاً من قوله تعالى:»ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة». 
واذا اردنا ان نقف عند خواطر الشيخ الراحل حول معجزة الاسراء والمعراج·· نراه يقول بان المتأمل الفطن لهذه المعجزة عليه ان ينظر إلى الحوادث الكثيرة التي وقعت قبلها، فقد توفي عمه ابو طالب·· ثم توفيت زوجه السيدة خديجة رضي الله عنها، وقد كان الاثنان مصدر حماية وعطف وحنان للنبي عليه الصلاة والسلام، ثم كانت بعد ذلك رحلته إلى الطائف والتي اوذي فيها اذى شديداً على يد زعمائها وسفهائها·· فوقف عليه الصلاة والسلام موقف المتضرع إلى ربه ودعا دعاءه المعروف الذي بدأه بقوله (اللهم اليك اشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي و···)·· بعد كل هذه الاحداث جاءت معجزة الاسراء والمعراج ··
اذن هذه الرحلة المباركة كما يقول شيخنا الراحل عظيمة الشأن اذ جعلها الله تعالى بعد الدعاء نتيجة لجفاء أهل الارض لرسوله الكريم فكانت رسالة إلى النبي عليه الصلاة والسلام لتثبت له وتؤكد ان جفاء اهل الارض لا يعني ان السماء قد تخلت عنه·· بل ان الله تعالى سيعوضه عن جفاء الارض بحفاوة أهل السماء·· وعن جفاء الناس بحفاوة الملأ الاعلى·· بل وسيريه من آياته وقدرته واسرار كونه ما يكون طاقة وشحنة له،وهذا الامر درس كبير للأمة الاسلامية اذ ان هذه الحادثة تبين ان علينا الأخذ بالاسباب اولاً ثم نرفع ايدينا وندعو الخالق الوهاب سبحانه وتعالى.
لقد اغلق الشيخ الامام رحمه الله بالدليل القاطع الباب امام المتخاصمين الذين يتجادلون حول اذا ما كان الاسراء والمعراج بالروح فقط أو بالجسد والروح معاً، فقال: «ان علينا كمسلمين مؤمنين بالله تعالى الواحد القادر الجبار ان نرفع هذه المسألة إلى الله تعالى لانها ليست حدثاً من عند الرسول عليه الصلاة والسلام، لذلك علينا ان نناقش هذا الامر بالنسبة إلى الله تعالى، فنسأل: هل يقدر الله سبحانه وتعالى على هذا الامر ام لا يقدر···؟ هل قدرته تحتاج إلى زمان ام لا تحتاج··؟؟ ثم اذا كان الاسراء والمعراج كما يدعي بعض السطحيين المغرضين مناماً او حلماً فقط، فهل كان الكفار يجادلون به النبي عليه الصلاة والسلام ويكذبونه·· فهل يحاسب احد احداً على حلم أو منام··؟
ان حادثة الاسراء والمعراج تؤكد لنا اموراً ايمانية كثيرة، ومن هذه الامور قدسية المسجد الاقصى للمسلمين في كل زمان، مما يعني واجب الدفاع عنه ايضاً في كل زمان، فان كان يعني قدسية ما لقوم موسى وقوم عيسى عليهما السلام فان سيدنا ورسولنا محمداً  صلى الله عليه وسلم  لم يأت لقوم دون آخرين بل هو للناس كافة فالله تعالى يقول: «وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ولم يقل للعرب او لقوم آخرين» ·
لذلك علينا جميعاً ان نسعى لإعادة تصحيح علاقتنا بهذه البقعة المباركة من خلال حسن الالتزام بكتاب الله تعالى وحسن السير على سنة محمد عليه الصلاة والسلام بقوة ايماننا واخلاص تبعيتنا له عليه الصلاة والسلام..