بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آذار 2021 12:00ص الإفتاء الفلسطيني في اجتماعه الشهري: نحذّر من رفع الوجود اليهودي في القدس على حساب أهلها الشرعيين

حجم الخط
دعا مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين إلى التصدي لمحاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الرامية لتنفيذ مزيد من أعمال التهويد بحق مدينة القدس المحتلة، والمحاولات التي تهدف لإحداث تغيير في وجهها الحضاري والتاريخي والجغرافي، لفرض سيطرة الاحتلال الكاملة عليها.

وأكد في بيان له، في نهاية جلسة عقدها برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى محمد حسين، أن سلطات الاحتلال تعمل على «رفع نسبة الوجود اليهودي في القدس، على حساب أهلها الشرعيين، وإحاطتها بالمستوطنات لمنع التمدد جغرافيا».

وأشار إلى خطورة إعطاء رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو الضوء الأخضر للشروع بتنفيذ أخطر مشروع استيطاني في هذه المنطقة، والمعروف باسم (E1)، الذي جرف مساحات من أراضي المواطنين في بلدة أبو ديس جنوب شرق القدس المحتلة، التي تقع ضمن هذا المخطط الذي يهدف إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، لمنع أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية مترابطة الأجزاء.

وحذّر من خطورة مخططات الاستيطان، التي تهدف إلى القضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، مستغلة الوضع السياسي العام بالمنطقة، مشددا على أن خطورة هذا المشروع تكمن في «استمراريته وتصاعد وتيرته، لتعزيز وجود مستوطنات قائمة ومشاريع استيطانية استعمارية جديدة في المدينة ومحيطها، في انتهاك صارخ لحقوق شعبنا».

وطالب المجلس المجتمع العربي والدولي بـ «التدخل الفوري والعاجل» للضغط على حكومة الاحتلال لوقف ما اسماه «الجنون الاستيطاني»، الذي يقضي وبشكل كامل على أي فرصة حقيقية لتحقيق السلام العادل والشامل لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، منددا بمحاولات الاحتلال تشريد القاطنين في خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية، وهدم خيام أهلها للمرة السادسة على التوالي، وعمليات هدم وحفريات في عدة مناطق في القدس، ومنها هدم بناية سكنية في بلدة العيسوية بالقدس المحتلة، وتشريد قاطنيها، ومحلين تجاريين في صور باهر جنوب شرق القدس، مبيّناً أن الاحتلال يصرّ على المضي في عدوانه ضد القدس ومقدساتها وسكانها بحجج واهية.

وأدان أيضا اقتحام مئات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، في مشهد عدواني واضح يمسّ بقدسية المسجد، الذي قال إنه يهدف لتطبيق مخطط التقسيم المكاني، منددا أيضا بإبعاد سلطات الاحتلال لحراس الأقصى وسدنته والمرابطين والمصلين الذين يستطيعون الوصول إليه.

واستذكر المجلس الشهداء الذين ارتقوا خلال المجزرة التي ارتكبت بحق المصلين في المسجد الإبراهيمي بالخليل في شباط 1994، التي صادف الخميس الذكرى الـ 27 لها. وقال «ما زال الاحتلال يحاول ضمن سياسة ممنهجة، الاستيلاء على المسجد، وإلغاء السيادة الفلسطينية، وإلغاء اعتباره وقفا إسلاميا خالصا، من خلال الاقتحامات المتكررة له، ومنع الأذان في أوقات كثيرة، ومحاولات نصب «شمعدان» كبير على سطحه»، مشددا على أن «المسجد الإبراهيمي كما المسجد الأقصى المبارك، للمسلمين وحدهم ولا يحق لغيرهم الاستيلاء عليهما، والتدخّل في شؤونهما».

وحمّل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، خاصة المرضى منهم، الذين يعيشون ظروف اعتقال سيئة، في ظل المماطلة في تقديم العلاج اللازم لهم. وطالب المجلس المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية، بالتدخّل السريع والفوري للإفراج عنهم، وإنقاذ حياتهم.

الأوقاف الإسلامية

من جهتها قالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أنه وفي «تطوّر خطير ينذر بتصاعد نوايا الاحتلال في زعزعة الوضع القائم في المسجد الأقصى، اقتحمت مجموعة من غلاة المتطرفين ساحاته بشكل متفرق، وعلى غير المعتاد وبحماية شرطة الاحتلال». وأوضحت أن هذه هي المرة الأولى التي يقتحم فيها المستوطنون المسجد بشكل مُتفرق، لافتة إلى أن «شرطة الاحتلال راقبت تحرّكاتهم وتغطيتها بشكل مُريب، ما ينذر بمخطط تهويدي يسمح لتنظيم هذه الاقتحامات بشكل مختلف كلياً لما سبق من الاقتحامات التي بدأت منذ العام 2003 ولغاية اليوم».

واعتبر الباحث المُختص في شؤون القدس زياد ابحيص إن سلطات الاحتلال فرضت منذ نهاية الإغلاق الرابع على مدينة القدس، تغييرات مهمة في محيط المسجد الأقصى موضحا أن سلطات الاحتلال وظّفت الإغلاق الذي استمر 42 يوماً، لتفريغ الأقصى من المُصلين، وخنق البلدة القديمة بالقدس، وهي تحاول توظيف جائحة «كورونا» بشكلٍ آخر ضده. وأول هذه التغييرات، افتتحت سُلطات الاحتلال مركز تطعيم في المدرسة العمرية على مسافة أمتار شمال الأقصى، ووضعت لافتة له أمام باب الأسباط المؤدي له. وبحسب ابحيص، فعّلت سلطات الاحتلال نظام سماعاتها الموازي المحيط بالأقصى، وجرّبت كفاءته في التشويش على الصلاة والمصلين ببث إرشادات عن التطعيم والتباعد. والتغيير الثالث - وفق الباحث - منع الاحتلال حافلات المُرابطين القادمين من الداخل الفلسطيني المُحتل من الوصول إلى الأقصى، بدعوى عدم التطعيم. ويُؤكد أن سلطات الاحتلال تواصل سياسة توظيف الوباء لمنع وصول الفلسطينيين إلى المسجد المبارك حتى بعد انتهاء الحظر، مُتسائلاً: «إلى متى سيبقى المُحتل يفرض التغيير تلو الآخر تحت ستار هذا الوباء؟».

تهويد مستمر

ولا يترك الاحتلال أي فرصة سانحة من أجل إحكام قبضته على البلدة القديمة عامةً والمسجد الأقصى خاصةً، فهو يستغل بشكل سيئ كل الظروف المُحيطة بهدف التقدم في مشروعه نحو السيطرة عليه، كما يقول المُختص في شؤون القدس خالد زبارقة. ويُوضح زبارقة أن الاحتلال يُجري تغييرات بالأقصى ومحيطه لأجل تنفيذ مشروع الذي وجد للسيطرة على مدينة القدس وتفريغها من سكانها العرب والمسلمين، وتحويلها إلى مدينة يهودية تمهيداً لمشروع هدم الأقصى وبناء «الهيكل» المزعوم، ويضيف أن الاحتلال يستغل الإغلاقات، بحجة «كورونا»، وينصب الحواجز العسكرية في محيط البلدة القديمة وعلى أبواب الأقصى، ويمنع من هم خارج القدس، وخصوصا سكان الضفة الغربية المُحتلة، من دخول البلدة والصلاة بالمسجد المبارك.

ومنذ نهاية عام 2020، فرضت شرطة الاحتلال قيوداً مُشدّدة على دخول أهالي الضفة للبلدة القديمة، وتعرقل وصول المصلين للمسجد الأقصى، وتدقق في هويات العشرات منهم. ومن ضمن التغييرات الاحتلالية، يوضح أن نصب السماعات داخل البلدة القديمة وعلى سور الأقصى، بهدف فرض سيادة إسرائيلية باطلة، ولتغيير وعي الناس، وإجراء عملية غسل أدمغة للمسلمين الذين يأتون للمسجد مفادها أنه هو صاحب السيادة والإرادة والكلمة، وهو من يُقرر التعليمات، وعلى الفلسطينيين الامتثال لها.

ويعمل الاحتلال، من خلال برنامج مُمنهج لفرض سيادته على المقدسيين والمُرابطين في القدس بقوة السلاح والغطرسة. وفق زبارقة. ويقول: إن «إسرائيل تقرأ الساحة وتُحلل الأحداث، وتبحث عن التغيّرات، ولا تألو جهداً في التقدم خطوات نحو مشروعها النهائي إذا لم تكن هناك أي مقاومة بالقدس والأقصى». ويكمل: «الاحتلال يعتقد أنه أنهى التزاماته مع السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية، والنظام العربي، ويتعامل مع هذا الأساس، ويعتبر أن الظروف الدولية والمحلية والإقليمية مُلائمة للتقدم نحو مشروعه الصهيوني كمُقدمة لهدم الأقصى وبناء الهيكل». ويُشكّل الوجود الإسلامي وإعمار المسجد الأقصى بالصلاة والرباط اليومي حجر عثرة أمام تنفيذ مُخططات الاحتلال ومشروعه التهويدي.