بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيلول 2018 12:04ص الالتزام بقوانين السير... ضرورة شرعية

نحتاج إلى نشر التوعية .. وإلى تفعيل الدورالرادع للقانون ولو بالحبس

حجم الخط
ما الذي يحدث في شوارع بيروت من قبل سائقي السيارات..؟!
ولماذا تحولت شوارعنا بفضلهم إلى ما يشبه الغابة التي لا يرعاها قانون ولا تصونها آداب ولا يحافظ على أمنها سائق.. بل كل من يسير عليها معرض للموت بحادث هنا أو هناك؟!
فمن يسير في الشارع اليوم لا يرى من قبل السائقين إلا التفلت والهمجية والمخالفات الشرعية والقانونية دون أدنى احترام لإنسانية الإنسان أو لحقوق الآخرين سائقين كانوا أو مشاة..
فركن السيارات في كل مكان بلا تقدير لمصلحة الآخر..!!
والقيادة عكس السير أمر متاح لكل مواطن دون الشعور بأي ذنب..!!
أما الملتزمون بالقانون، السائرون وفق النظم واللوائح المرورية فهم في نظر كثير من أفراد المجتمع أناس بسطاء ... لا يعرفون كيفية القيادة..؟!
ولكن .. إذا كان الإسلام قد أرسى قاعدة كبيرة ذهبية تقول «لا ضرر ولا ضرار»، فلماذا خالفناها نحن وجعلنا سياراتنا أشبه بأدوات قتل متنقلة من شارع إلى آخر..!؟
وكيف يمكن لمسلم يعرف أمور دينه وتعاليم رسوله أن يخالف قانونا قد يؤدي في لحظة ما إلى قتل إنسان أو تشويه طفل أو التسبب في عاهة مستديمة لإمرأة ما..؟!

أصول لا بد منها
بداية ... نقول أنه لا يجوز مخالفة قوانين المرور لما قد يترتب على ذلك من إزهاق للنفوس وإتلاف مال الغير، علماً بأن قوانين المرور لا تدخل تحت باب الحكم بغير ما أنزل الله كما قرر أهل العلم، وإنما هي نظام إداري، فإذا كانت لا يترتب عليها تحليل ما حرم الله ولا تحريم ما أحل الله ولا مخالفة الشرع فيجب التقيد بها..
والنصوص الشرعية في هذا الباب عديدة منها على سبيل المثال ما جاء في قوله تعالى: «وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» الفرقان63 ..
ومنها قوله تعالى: «وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا نبتغي الجاهلين»... القصص55.
وكذلك قوله تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً. ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا . كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها»..الإسراء36، 37.
أما في السنة فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم بعض حقوق الطريق وآداب المرور في عدة توجيهات منها ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إياكم والجلوس في الطرقات»، قالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه»، قالوا وما حقه قال: «غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
كما جاء عن النبي  صلى الله عليه وسلم  في ذكر بعض أبواب الخير قوله: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك الرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة».
ومن الأبعاد الدينية أيضًا في التزام المسلم بقانون السير المتفق عليه في البلاد الرفق والسماحة، فحركة السير في عالمنا المعاصر لم تعد كما كانت وبالتالي وقد يؤدي كثيره مخالفة القانون إلى الزحام والاحتكاك والمشاكل والفوضى، وهو ما يتطلب الرفق وحسن المعاملة؛ فالسماحة المحمودة في اعتدال أخلاق المسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله»، وقوله أيضًا: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، وبكل تأكيد فإن ما نراه في طرقاتنا عند اشتداد الزحام من هرج ومرج ومن سب وشتيمة ومبالغة في الحصول على الحق بما يعطل حقوق الآخرين ليس من الرفق ولا من الأخلاق في شيء.
قرارات وفتاوى
منذ سنوات.. أصدر مجمع الفقه الاسلامي قرارا جاء فيه أنه «وبالنظر إلى تفاقم حوادث السير وزيادة أخطارها على أرواح الناس وممتلكاتهم، واقتضاء المصلحة سن الأنظمة المتعلقة بترخيص المركبات بما يحقق شروط الأمن كسلامة الأجهزة، وقواعد نقل الملكية ورخص القيادة والاحتياط الكافي بمنح رخص القيادة بالشروط الخاصة بالنسبة للسن والقدرة والرؤية والدراية بقواعد المرور والتقيد بها وتحديد السرعة المعقولة والحمولة، قرر ما يلي:
أولاً: أ- إن الالتزام بتلك الأنظمة التي لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية واجب شرعاً، لأنه من طاعة ولي الأمر فيما ينظمه من إجراءات بناءً على دليل المصالح المرسلة، وينبغي أن تشتمل تلك الأنظمة على الأحكام الشرعية التي لم تطبق في هذا المجال.
ب- مما تقتضيه المصلحة أيضاً سن الأنظمة الزاجرة بأنواعها، ومنها التعزير المالي، لمن يخالف تلك التعليمات المنظمة للمرور لردع من يعرض أمن الناس للخطر في الطرقات والأسواق من أصحاب المركبات ووسائل النقل الأخرى أخذاً بأحكام الحسبة المقررة...».
ولكن يبقى السؤال..
ما الذي ننتظره كأفراد وكدعاة ومؤسسات وهيئات وأيضا كمسؤولين للقيام بخطوة إيجابية تحد من حدوث تلك الآفات في شوارعنا..
وما الذي يمنعنا من تغليظ العقوبة على كل مخالف حتى لو كانت بالحبس والغرامة المالية الكبيرة ليكون كل مخالف عبرة لغيره..
إننا بحاجة إلى فتاوى واضحة، وإلى خطابات مباشرة، وإلى توعية مثمرة، وإلى تربية بناءة وإيجابية... وكذلك إلى قانون رادع يطبق على أرض الواقع. 
نعم.. إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن... فمن لم يلتزم بما أمر الله من تعاليم تحمي العباد والبلاد..لا بد له من سلطة تكف يده عن نشر الفساد والموت في الطرقات..؟!



bahaasalam@yahoo.com