بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2020 12:02ص التجديد فوبيا...

حجم الخط
لا أدري حقيقة سر تلك الحساسية المفرطة التي يعاني منها الكثيرون عندما يستمعون لمصطلح التجديد...

ولا أدري أيضا لماذا تتبادر السلبيات إلى أذهانهم حين نحدّثهم عن التجديد وأهميته وضرورته...؟!

صحيح ان البعض أساء العمل وشوّه المصطلح ولكن هذا ليس مبرّرا لنبذ التجديد كله واعتباره رجس من عمل الشيطان...

ان المطلوب من الجميع وعلى رأسهم الدعاة والخطباء أن يعملوا بكل جهد لإعادة الدين إلى رقيّه وسموّه وحضارته والوقت عينه مراعاة الظروف والأوضاع المستجدّة دون الاخلال بالثواب والأصول.

ولكن قبل هذا علينا أن نتكاتف جميعا لإقناع الكثيرين بأن التجديد ضرورة.. وحاجة... وليس من باب الترف.

إقناع يمكنهم من الإنطلاق بالدعوة من الحيّز التعصبي الضيق إلى العالم كله ليكون رحمة وعلما...

نعم.. ان المشكلة الحقيقية هي في النفوس وليست في النصوص...

المشكلة في فهمنا للتراث وليست في التراث..

المشكلة في تعاطينا مع كل موروث وليس في الموروث نفسه.

المشكلة في اننا لا نريد أن نتفاعل مع كتاب الله ولا مع ديننا العظيم ولا مع سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وإنما نريد أن نستورد الحلول جاهزة وان لم تكن مناسبة لأيامنا...

لقد سبق وأشرنا مرارا وتكرارا.. أن التجديد الذي نريده ليس تجديدا جزئيا وليس أيضا تجديدا ظاهريا أو شكليا إن صحّ التعبير، إذ ليس المقصود تغيير الكلمات أو تغيير العبارات الخطابية، وقلنا أن المقصود التجديد الشامل والعام الذي يعني إعادة حسن تفعيل العلاقة مع كتاب الله وسنّة الرسول وفق الأصول الصحيحة التي تراعي ثوابت الدين ومتغيّرات العصر الذي نعيش فيه.. ولكن أيضا... لم نتحرّك..؟!

وكذلك ذكرنا.. أن ما يشيعه البعض من أن باب الاجتهاد والتجديد مقفول في الإسلام، هو محض إفتراء وظلم للإسلام ولعلمائه، لأن التجديد الذي تحتاج له أمتنا يمثل وسطية الإسلام بين الأمم إستجابة لقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، وهذا هو اتجاه أهل العلم والورع والاعتدال عبر كل العصور.. فجاء الرد عمليا... بالمزيد من الجمود والركود والتمسّك بما يشوّه مسار وفعالية الدعوة في بلادنا..؟!