بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 شباط 2019 12:02ص التنطُّع في العبادة

حجم الخط
د. المحمدي عبدالرحمن*

التنطع في أداء العبادات الشرعية: هو التعمق أو مجاوزة الحد في الأموال والأفعال، ويدخل فيه الزيادة على المشروع والتزام ما لم يلزم به الشارع، وقد أخرج مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قول النبي  صلى الله عليه وسلم  «هلك المتنطعون» قالها ثلاثاً، كما أخرج الإمام أحمد والنسائي وغيرهما عن ابن عباس أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: «وإياكم والغلو في الدين. فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين» وهذا نهي عام عن جميع الغلو في الاعتقادات والأقوال والأعمال. 
وهذا التنطع نهى عنه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أخرج الإمام البخاري في صحيحه أن ثلاثة من أصحاب النبي  صلى الله عليه وسلم  أتوا إلى بيوت أزواج النبي  صلى الله عليه وسلم  يسألون عن عبادته فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها أي عدوها قليلة.. وقال أحدهم: وأين نحن من رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وقد غفر له ما تقدم من ذنبه؟ وقال أحدهم: أنا أقوم الليل ولا أرقد. وقال الثاني وأنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج فبلغ ذلك النبي  صلى الله عليه وسلم  فاستدعاهم. وقال لهم: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا» قالوا: نعم. وما نريد إلا الخير يا رسول الله فما كان منه إلا أن قال: «ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» لقد أخذ العلماء من هذا الحديث أن أي زيادة في دين الله حرام.. كما أن أي نقص أيضاً حرام.
والأمر مطلوب إنما هو التوسط قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} والتطرف يتنافى مع شريعة الإسلام التي جاءت باليسر والسماحة. والقرآن الكريم كثيراً ما يعبر عن اليسر فيقول سبحانه وتعالى {ويريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} البقرة آية: 185 إن مثل هذه المبالغات فضلاً عن تضييقها على أصحابها قد تقضي إلى زهادة الناس في الدين وتركه كله أمور ليست من التطرف في شيء، والإسلام دين الوسطية فيا ليتنا نعمل به..

* الأستاذ بجامعة الأزهر