بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الأول 2018 12:03ص الخشوع

حجم الخط
الخشوع هو المقياس الصادق لأداء المسلم لكل عباداته ومنعها من التحول إلى عادة،، فالصلاة مثلا مقياس وضابط تحوّل الصلاة إلى عادة هو مقدار الإحساس بالخشوع واللذة فيها، فإن كانت الصلاة حركات وأقوالاً مجردة لا تحرك في الوجدان ساكناً سواء بالتأخر عنها، أو بما فيها من أقوال وأذكار فهي إذاً عادة.
يقول تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}..
فالخشوع أساس كل عبادة ومن يؤدي العبادة كعادة أشبه بمن أصيب بمرض خطير فأهمله حتى انتقل إلى كافة العبادات الأخرى، فنجده في الصوم مصداقا لقوله  صلى الله عليه وسلم : (رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش) ومن يفعل ذلك لا يجد لذة الصيام وثمرته بل يصوم لمجرد أنه في رمضان وأنه تعود على هذا، ونجده في قراءة القرآن، وقد قال أنس بن مالك (رب تال للقرآن والقرآن يلعنه، فإذا كان يظلم وهو يقرأ قول الله تعالى: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} فإنه يلعن نفسه»، بل وحتى في العطاء والصدقات نجد الكثير من الناس يقدم عليها ولكنه فاقد لآدابها وآثارها فيتبعها بالمن والأذى ويفعلها فقط لأنه تعود عليها ...
و العبادة هي طريق الإنسان في الأرض وسبب استخلافه ، وهي غذاء للروح ومصدر للسعادة وأساس للعزة وبالتالي لا يجوز للمسلم أن يهمل فيها أو يقصر في أدائها، فبعض الناس للأسف قد حوّلوا عبادتهم إلى عادات من خلال ممارستها بصورة ثابتة ومتكررة دون الشعور بأهميتها فخلت من لذتها وخشوعها، وأصبحت صنعة بلا روح، وهيئة دون مضمون.
إن أخطر آثار تحول العبادة في نفوس الناس إلى عادة هي أننا قد فقدنا كل علاقة بين العبادة وبين مجريات الحياة، فلم نعد نجد للصلاة أثرا في سلوك الفرد علما أن الله تعالى قد أخبرنا {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، والصيام ما عدنا نعيش جوهره والله يقول للصائمين «لعلكم تتقون»، وهكذا حتى انفصلت سلوكياتنا  وأفعالنا ومناهج حياتنا عن العبادة فنسأل الله السلامة..
الشيخ مازن قوزي