تعرّض الشيخ محمد متولى الشعراوي رحمه الله تعالى خلال الأيام الماضية لهجوم شديد من قبل مستخدمي بعض مواقع التواصل، وذلك بعد حالة الجدل التي أثارتها المذيعة المصرية أسماء شريف منير، بعد ردّها على اقتراح أحد متابعيها بمتابعة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، قائلة له: «كنت أسمعه مع جدي رحمه الله، ولم أكن أفهم شيئا منه، وحين كبرت شاهدت عددا من الفيديوهات وتفاجأت أنه متطرف... لقد استغربت فعلا..».
الكلام الذي أثار حفيظة الكثيرين من العلماء والعامة على حد سواء، استفتوا ملايين الناس الذين تربّوا على علم الشيخ الراحل، رافضين جميعا تلك الكلمات التي تصف الشيخ الشعراوي بالمتطرف.
كريمة
{ قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الهجوم على الصالحين والمصلحين يعبّر عن الإفلاس الفكري، فهؤلاء أناس يعبّرون عن الإفلاس من جهة وأيضا ينفّذون مشروع هز الثقة في العلماء الأفاضل.
وأشار إلى أن مساعي هؤلاء لتشويه صورة العلماء لن تفلح وهناك مثل عربي يقول «يا جبل ما يهزّك ريح» وأن المولى عزّ وجلّ قال في كتابه {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال}.
وأضاف أن الشيخ الشعراوي هو قامة وقيمة وولي من أولياء الله الصالحين، ويجب علينا عدم الالتفات إلى الأصوات التي تريد الحط من قيمة العلماء، لافتا إلى أنه ينبغي على من يتعرّض للنقد للشيخ العشراوي أو غيره من العلماء أن يكون يملك أدوات العلم التي تؤهّله لهذا الانتقاد، قائلا «هؤلاء في سن لا يصلح أن يناطح العلماء».
عطية
{ أما عميد كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بسوهاج سابقا الشيخ د. مبروك عطية فقال أن الله تبارك وتعالى خاطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال {ولقد استهزئ برسل من قبلك} فهذا يدلّ على أن هناك رسلا استهزئ بهم، وبالتالي ليس بغريب أن يستهزئ بمن هم دونهم.
وأشار أنه يجب أن نتعلم من علمائنا وأن نستفيد منهم وأن ندعوا لهم بالتوفيق ومزيد من العلم إذا كانوا أحياء وندعو لهم بالمغفرة والرحمة إن كانوا أمواتا، لافتا إلى أننا جميعا في حالة افتقار إلى رحمة الله عزّ وجلّ.
وتابع: يجب علينا ألا نعطي الموضوع مزيدا من الحرب التي تنسينا المهام الرئيسية في حياتنا، ورحم الله موتانا والشيخ الشعراوي وكل من له حق علينا وهدى الله شبابنا إلى الخير، مشيرا إلى أن حياتنا كلها أوجاع ولا تنقصها أن نكسب إثما أو ذنوبا أو نرمي إنسانا بما ليس فيه فهذا لا يليق بمسلم.
كما أكد عطية على أن أمر التعرّض لنقد العلماء يحتاج إلى وجود أبجديات العلم متسائلا: «إذا كنت بعيدا عن أبجديات العلم فكيف تفرّق بين الجيد والرديء؟ وكيف تنصب نفسك ناقدا لأحد الناس فضلًا عن كونه أحد العلماء؟!».
مرزوق
{ من جهته، اعتبر عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط السابق د. مختار مرزوق أن الشيخ الشعراوي قيمة وقامة في العالمين العربي والإسلامي، ولن يستطيع النيل منه أحد وكل من تطاول عليه عاد التطاول عليه هو بالخيبة الخسران.
وأضاف «مرزوق» عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي الـ «فايسبوك» أن الشيخ الشعراوي رجل أحبه الله تعالى، فوضع له القبول في الأرض رغم أنف كل كاره للشيخ رحمه الله تعالى، قال تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.
علوان
{ أما الدكتور أحمد علوان، من علماء الأزهر الشريف، وتعقيبا على هجوم الإعلامية أسماء شريف منير، على الشيخ محمد متولي الشعراوي، ووصفها له بالمتطرف، فأكد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لم يسلم من القيل والقال، ومن يطعن أو ينال من أصحاب المبادئ أصحاب نفوس لئيمة وطباعه غير سويّة وقلوب مغرضة.
وأضاف «علوان»، خلال لقاء إعلامي أن من يتكلم ويطعن في حق العلماء الربانيين الصالحين المخلصين وعلى رأسهم الشيخ الشعراوي، الله سبحانه وتعالى أعلن الحرب عليهم، مشدّدا على أن الله سبحانه وتعالى أعلن الحرب على آكلي الربا، ومن يعادي الأولياء في قوله سبحانه في حديث قدسي: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ»، متابعا أن لحوم العلماء مسمومة ومتسائلا: «من تحدث في حق الشيخ الشعراوي الآن أو من قبل هل يجرأ أن يتحدث عن أي رمز آخر»، مضيفًا: «يكفي الشيخ الشعراوي أنه قدّم للإعلام ما لم يقدّمه أحد ما يقرب من ألف ساعة في التفسير».
الجندي
{ أما الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فقال أن الشيخ الشعراوي علم من أعلام مصر ورمز من رموزها، وأحد أهم الشخصيات الدعوية التي ظهرت في القرن الـ 20، ويمثل إمام الدعاة ووسطية الدعوة، وكنز من كنوز العلم ومنجم من مناجم الفضل الذي لا ينكره أي منكر، رحمة الله عليه ورضي الله عنه وأرضاه.
وقال: للشعراوي مكانته، ولكن لا قداسة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل الرموز بعده من الطبيعي أن تتعرّض للنقد، وليس مقبولًا أن يواجهوا تجريحا، وبالتالي يجب أن يُبنى النقد على أسس علمية صحيحة، ولا بد أن يُبنى كذلك على عفة اللفظ وأمانة في النقل.
ورأى الجندي أن التعرّض لعلماء الدين بالنقد أمر لا بد منه وضروري، لثراء الحركة الثقافية والفكرية والدعوية، وما حدث عابر لا يُلتفت إليه، فأولادنا قد لا يشعرون بأهمية الشيخ الشعراوي، ومهمتنا توضيح فكره وتقريبه إليهم، لكن المشكلة تكمن في كارهيه، وهم للأسف بعض من الرموز الثقافية ولهم إنتاج فني، وعليه نرفض الإساءة للإمام الراحل.
مؤكدا على التزامه حسن النية عند القائلة متابعا: «نلتمس العذر لابنتنا ونتقبّل اعتذارها وكأن شيئا لم يحدث، ولنا كل الاحترام والتقدير، فوالدها رمز من الرموز الفنية التي لا يجوز أن تناله ألسنة أحد».