بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيار 2018 12:30ص الدعاة بعد احتفال البلاد بيوم العمّال

يؤكّدون نحتاج لتفعيل قيمة العمل في نفوسنا حتى نصل لخير الأمة

حجم الخط
العمل قيمة كبيرة من قيم الإسلام الحنيف، فهو أساس الدين وركيزة الإيمان وقوام الحياة الطيبة، فبه يؤمن المرء ضروريات الحياة من الطعام والشراب والملبس والمسكن والعلاج والتعليم، وبه يبتعد عن الفقر الذي تعوذ منه الرسول   صلى الله عليه وسلم .
ولكن شيوع فكرة خاطئة عن العمل يبرز حاجتنا الماسة لاستعادة قيمة العمل في نفوس الناس وخاصة الشباب، ولإشاعة ثقافة الجدية والسبق إلى الإنتاج على المستوى الفردي والجماعي وتوجيه الفرد وتنمية استعداده باعتباره الركيزة في التنمية المطلوبة.
والسؤال الأهم... هل يمكن أن نصل إلى مرتبة إتقان العمل وعدم التوقف عن إجادة فيه وتطويره من أجل الحصول على كسب أعلى وعائد أكبر، إذا كنا فاقدين لقيمة العمل، فأين نحن إذن من تحقيق قول النبي عليه الصلاة والسلام:(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). 
إن هذا الإتقان يكون ببذل أقصى الجهد بغية الوصول إلى أعلى إنتاجية  والتميز في نوعيته والارتقاء بدرجته  باعتبار أن الجودة قيمة أساسية من قيم العمل في الإسلام، والجودة تكون بالبحث المتواصل لابتكار أفضل الأساليب لتحسين المنتج، وزيادة عائده والتقليل في تكلفته  والتحول من الجيد للأجود بلوغاً لأعلى تنمية ممكنة وسبيل كل ذلك العلم... والعمل.. والمعرفة.. وتعظيم قيمة التنمية في المجتمع..  فما هي أهمية العمل في ديننا..؟!
وبعد أن احتفلت البلاد بيوم العمال... ما الذي نحتاجه حتى يكون العمل صحيحاً ومقبولا ونافعا..؟!
قيمة الإنسان
{ الشيخ غسان اللقيس قال بداية: إن الله - عز وجل  قال في آية الملك: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}.
والنبى  صلى الله عليه وسلم   يقول كما روى البخاري في صحيحه «ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داوود - عليه السلام - كان يأكل من عمل يده»، وزهد الأمة في سؤال الناس: فقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ سأل الناس وعنده فإنما يستكثر من جمر النار»، وقال «من استعفف أعفه الله»،
 وجاءه رجل من الأنصار يسأله: فسأله - عليه الصلاة والسلام: أما في بيتك شيء؟ فقال: حلس وقعب، فقال ائتني بهما، فأتاه بهما، فباعهما له في مزاد، حيث قال: مَنْ يشتري هذين؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم، فقال عليه الصلاة والسلام: مَنْ يزيد علي درهم؟ فقال آخر: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وناول الأنصاري الدرهمين، وقال له: اشتر بأحدهما طعاماً، فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً، وائتني به، فلما فعل وجاءه بالقدوم وضع فيه  صلى الله عليه وسلم  عوداً بيده الشريفة وقال: اذهب واحتطب وبع، ولا أرينك خمسة عشر يوماً، فلما انقضت المدة عاد الرجل، وقد ربح عشرة دراهم، فقال عليه الصلاة والسلام: هذا خير من أن تجىء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة أي سؤال الناس لا تصلح إلا لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع.
فالإسلام دين يأمر بالعمل الصالح الذي فيه عمارة الأرض وتقدم الأمة ورقي الإنسان، ولا يرضى أبدا بالبطالة والقعود عن أسباب الرزق.
 وأضاف: وهنا لا بد من الإشارة إلى أن للأسرة دورا كبيرا في هذا المجال، إذ علينا جميعا أن نربي أبناءنا على هذه الثقافة وعلى هذه القيمة الرفيعة، فالعمل فيه قيمة الإنسان وفيه مكانته وفيه تقدمه وفيه أيضا دلالة على حسن عبادته لله تعالى، فالإنسان الذي لا يعمل ولا يبحث عن عمل إنسان عالة على المجتمع يعطي صورة سلبية عنه ويسيء إلى حقيقة بلده ومجتمعه و الإسلام أبدا لا يرضى بذلك.
فعلى كل مسلم و مسلمة أن يعلموا أن الله سبحانه وتعالى أمر صراحةً عبادَه بالسعي في مناكبِ الأرض بحثاً عن الرّزق وحذّر من التّقاعس عن العمل والتّكاسل، كما حذّر الإسلام من الاتّكالية على الغير في تأمين القوتِ والحياةِ الكريمة، وذمَّ القعودَ عن العملِ والتّواكل واعتبره بمقام المهانةِ والمذلّة للإنسان في الحياة الدّنيا، خاصّةً إذا كان له لديه القُدرة على العمل وتقاعَسَ عنه بإرادته. 
العمل والشكر
{ أما الشيخ أحمد رجب  البدوي فقال: أمران يحققان المزيد من النعم والخيرات ورفاهية الحياة التي هي دعوة الإسلام الصحيح، الأول العمل فلا حياة أصلا بدون عمل فضلا عن الحياة المرفهة وقد رأينا من عمل واجتهاد في الشرق والغرب من غير المسلمين كيف وصلوا إلي القمة أو ما يدنو منها بسبب اجتهادهم وسهرهم وبحوثهم وكيف وصل المسلمون الذين ناموا وتواكلوا وهم مأمورون بالتوكل لا التواكل وخملوا وكسلوا وهم مأمورون بالنشاط والعزم والعزيمة والتشاور واصطفاء الرأي السديد الذي يسيرون عليه وهم متفقون برغم اختلاف آرائهم قبل أن تكون الشورى, لا كما نرى من الواقع الذي يقول كل حزب بما لديهم فرحون، والعمل زرع وصنع وتجارة وحركة حياة وهو كما نعلم عبادة.
وقد قال الله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}, وقد قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في يد العامل: «هذه يد يحبها الله ورسوله»، وفي الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: «من بات كالا من عمل يده بات مغفورا له» أي أن الله عز وجل يغفر ذنوبا للعاملين بعملهم، ويتبع العمل اتقانه فلا يكفي أن تكون عاملا وإنما يجب عليك أن تكون مع العمل متقنا, وفي الحديث ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملا ان يتقنه.
وقد صار العالم والكرة الأرضية بحكم العولمة كأنه قرية صغيرة والتنافس ليس بين تاجر وتاجر وانما هو بين دولة ودولة، فالمنافسة شديدة والنتائج مرعبة والأمر الثاني هو الشكر قال الله تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} وقد جعل الحق تعالى الكفر نقيض الشكر وليس معنى الشكر أن تقول بلسانك الشكر لله أو أن تقبل ظاهر يديك وباطنهما وإنما الشكر عمل تقدمه من خدمة أهلك ومجتمعك وأمتك، والدليل على أن الشكر عمل لا كلام لقول الله تعالى: {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور} وقوله تعالى اعملوا آل داود شكرا دليل على أن الشكر يكون بالعمل، فشكر نعمة العلم يكون بنشره، وشكر نعمة المال يكون بإخراج زكاته والتصدق منه، وهكذا ومن ثم نقول إذا كنا نعتقد أن الوطن نعمة كان علينا أن نشكر تلك النعمة بدفع الفتن عنه ونبذ الخلاف الذي يهدر قوته وأن نعمل جميعا مخلصين على تقدمه ورفعته.





أخبار ذات صلة