بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الأول 2019 12:05ص الدعاة جزء من النّاس... فلِمَ التخلُّف عن المشاركة في صناعة التاريخ..؟!

إلى بعض «المعتقَلين».. في البروج العاجية..؟!

حجم الخط
دعوني أقول مباشرة ودون أي مقدّمات...

لا أدري حقيقة ما الذي منع كثير من الدعاة النزول إلى الساحات والمشاركة في تلك الثورة التي خرج بها الشعب لينادي بحقوق إنسانية هي في معظم بلاد العالم.. من البديهيات..؟!

ولا أدري أيضا ما هي الموانع التي أقامت سدودا بينهم وبين أن يكونوا من أفراد الشعب الذي عانى الأمرّين ولا يزال يعاني...؟!

والأغرب.. أن من بين الدعاة من يرفض المبدأ من أصله... أي أنه يرفض فكرة الخروج إلى الشوارع والتمرّد على الحاكم وإن كان ظالما، مستدلين - بسوء فهمهم طبعا - بالآيات التي تتحدث عن طاعة أولي الأمر...

حسنا.. ولكن ماذا لو كان أولي الأمر وزبانيته هم البلاء والمصيبة...؟!

ماذا لو كانوا سبب الظلم والقهر الذي أصاب غالبية الرعية حتى شاع الفساد في البلاد..؟!

وماذا لو كان سببا في انتشار الأمراض والجوع والحاجة والجرائم والبغضاء بين الناس..؟! 

فكر أعوج

إن المشكلة الأساسية التي يعاني منها كثير من الدعاة هي وبكل صراحة أنهم تربّوا وتعلّموا منذ الصغر ضمن منظومة فاسدة تعتبر كل إنسان - ومهما بلغ شأنه أو ارتقى علمه أو حسُـنت سيرته - إذا ما دعا إلى الإصلاح أو تنقية الأمور في أي مجال من مجالات الحياة ولا سيما في المجال الدعوي لا بد أن يقابل بالهجوم والتجريح وأحيانا بالشتائم والتشكيك... وفقط لأنه يريد الإصلاح...؟!

لقد تعلّموا على أيدي كثير من شيوخهم - وألف ألف آه من شيوخهم - أن الإصلاح في بلادنا - كفكرة وكقضية - أمر ممنوع ومحرّم ومرذول ومحارب، بل هو عند البعض أشبه «بجريمة شرف» إذا ما حدثت انتفض الكل لمحاربتها ومواجهة مرتكبها والمطالبة بإنزال أشدّ أنواع العقاب عليه...؟!

والكارثة أنهم حين كبروا واعتلوا المنابر... نشروا بين أتباعهم أن الإصلاح في بلادنا... «خيانة وطنية» يفرّ من شبهتها الناس كما يفرُّ الصحيح من العليل، وفي الابتعاد عنها «ضمان للمكسب» و«استمرار في العمل» و«تمشية للحال».. وفي أوقات كثيرة تكون في التبرؤ منها «الترقية الوظيفية» ونيل الدرجات العليا.. وكان الله يحب المحسنين..!!

نعم.. بكل أسف أقول... 

إن من الدعاة من يروّج في بلادنا ومنذ سنوات أن الناس تعشق من «يطبّل» لها و«يزمّر» ويتغاضى عن فسادها، وعلى ذات مستوى العشق المذكور... ترفض تماما من يشخـّص لها مرضها ثم يقدّم لها الدواء الفعّال وتصفه بالمعتدي المارق، ولذا كانت دعواتهم وخطاباتهم كلها دعوة إلى التبعية العمياء التي (لا تغني ولا تسمن من جوع)..؟!

سنوات كثيرة مرَّت.. وكل ما قدّمه هؤلاء ليس سوى حقنا للأمة بإبر «المورفين» القاتل.. وكل أملهم أنه بعد فترة سيصبح إدمانا وليس علاجا...؟!

وكانت النتيجة ترويجا لثقافة «الإمعية» التي تجعل من شعوبنا قطيعا من الغنم يسير دون تفكير خلف كل من يضمن له بعضا من الحشائش الخضراء..؟!

أجيبونا إن كنتم تعلمون

ودعونا هنا نسأل ونحن ننتظر الإجابة منكم..

من يستطيع منكم أن ينكر أن كرامتنا اليوم باتت مذبوحة مع سبق الإصرار والترصّد..؟!

بل ومن منا الذي لا يرى شيخا أو خطيبا يُذلّ أو يُهان أو حتى يبكي... في سبيل تأمين دواء لابنه أو علاج لابنته...؟!

المبكي أنهم يعلمون تماما... ولكنهم لا يعملون...؟!

ثم ألم يأمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فقال: (من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)..؟!

فهل بات كثير من الدعاة عاجزين حتى عن الانكار بالقلب وباللسان..؟!

إن كثيرا من الدعاة وللأسف الشديد يعملون الكارثة التي تستقرّ في بلادنا وتنعكس آثارها على كل إنسان ومنهم الداعية نفسه..؟! ورغم ذلك يأبى التحرّك والعمل من أجل الإصلاح...؟!

بربكم أيها السادة... إن لم نعمل لرفعة أنفسنا وأسرنا وشعبنا فمتى سنعمل وأين..؟!

فإننا حين نرى في بلادنا عمليات إذلال مقصودة تمارس بحق الشعب بأكمله علينا شرعا وخلقا ووطنية أن نقف في وجهها.. وأن نقول بأعلى صوت أنه لا يجوز أن يستمر أبدا أيا كانت الأسباب، وكل من يساعد على استمرارها هو مشارك في جريمة لن يغفرها التاريخ له..؟!

ونحن حين نطالب برفع الظلم عن الشعب بأكمله.. نطالب أيضا برفع الظلم عن كل داعية، ليكون حاصلا على حقوقه كاملة.. وفقا للقوانين والأنظمة.. لا للمحسوبيات والأمزجة..؟!

دعوة للجميع

يا كل الدعاة في بلادي... 

تعالوا معا إن كنتم صادقين... لنواجه بشجاعة الإيمان الصادق واقعنا الملبّد بغيوم الجهل والتبعية والتعصب والتمذهب المقيت..؟!

تعالوا... «لنكشف الأوراق على الطاولة» ولنعترف بأننا نعيش في حالة صراع بل في حالة حرب مع من يريد «الانحدار في العقل» سلما لأمجاده وفكره ومذهبه وطائفته وتعصبه ومصالحه، ويريد أيضا تثبيت «الموروثات» البالية والخرافات والخزعبلات و«دروشة» الفكر الديني لضمان مميّزاته... ولو على حسابنا وحساب أبنائنا..؟!

وتعالوا... لننشر بين الناس عملا لا قولا فقط.. الفكر الذي يكرّم الإنسان.. ويربّي العقل وينقــّي الفكر من «طفيليات» نَمَتْ واستفحلت حتى تشكّلت صخورا في مسيرة الإصلاح التي أمرنا بها الله تعالى وجعلها مهمة الأنبياء جميعا..

أما إن رفضتم الاعتراف وبقيتم قابعين في بروج «أحادية الفكر» كلّ يرى نفسه وأتباعه «الفرقة الناجية»، فإنكم حينها تحكمون على أنفسكم بالنهاية لأنه وبكل بساطة «النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله»..؟!

 


أخبار ذات صلة