بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الثاني 2024 12:00ص الدعاة حول شهر رجب وفضاله: شهر عظيم ذو فضل كبير.. يكفي أن الله إختاره ليكون فيه إسراء النبي

الشيخ د. أسامة حداد الشيخ د. أسامة حداد
حجم الخط
جاء في السنّة النبوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم  أن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: «يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم»، ومن هنا استدلّ العلماء على استحباب الإكثار من الطاعات في رجب حتى لا يكون المسلم فيه من الغافلين.
صحيح أنه وردت كثير من الأحاديث التي تبيّن فضل شهر رجب، ولكن الأصح أنه لم يثبت من هذه الأحاديث إلّا القليل النادر..
ولكن.. كيف يكون المسلم خُلقاً وعبادة مع دخول شهر رجب علينا..؟!
وماذا يمثل هذا الشهر من أبعاد إيمانية وخلقية، وخاصة في ظل الظروف السيئة التي نمرُّ بها في بلدنا لبنان؟!...

حداد

بداية قال المفتش العام للأوقاف الإسلامية في دار الفتوى، الشيخ د. أسامة حداد: يقول الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ..} [التوبة 36].
فضّل الله تعالى بعض الأيام والليالي والشهور على بعض، ليجتهد العباد في أعمال الخير، ويكثروا فيهن من الأعمال الصالحة، التي تقرّبهم من ربهم، وترفع درجاتهم، وتكفّر سيئاتهم.
ومن هذه المواسم التي فضّلها الله تعالى الأشهر الحرم، التي سمّيت بذلك بسبب تحريم القتال فيها، إلّا أن يبادر العدو بالقتال فندافع عن أنفسنا ونقاتله، كما أنَّ انتهاك المحارم في هذه الأشهر أشدّ من غيرها من شهور السنة، لذلك نهانا الله تعالى عن ظلم النفس بارتكاب المعاصي في هذه الأشهر، فقال الله تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}، كما أن ظلم الناس حرام وتشتدّ حرمته في هذه الأشهر الحرم، فهو أعظمُ خطيئةً ووزراً من الظلمِ فيما سواهُن، وما نشاهده من إجرام الآلة الصهيونية وفتكها بالأطفال والنساء والشيوخ، وقصفها للمساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس، لن يدوم بإذن الله تعالى، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )» [هود:102].
وقال: وإذا كانت هذه عاقبةَ الظّالم في سائرِ الأوقاتِ والأزمانِ؛ فكيف بالظّالمِ المعتدِي في هذه الأشّهرِ الحرمِ، وفي هذه الأيّامِ العظامِ؛ ولهذا ينبغي على المسلم أن يكون في هذه الأشّهر أكثرَ ابتعاداً عن الذّنوبِ والآثامِ، وحذراً من كلِّ ما يغضبُ الملكَ العلّامَ؛ فيبتعد عن ظلمِه لإخوانِه بالاعتداءِ عليهم وسفكِ دمائِهم، أو أكلِ أموالِهم وحقوقِهم، أو الخوض في أعراضِهم، ونهشِ لحومِهم، وتتبّعِ عوراتِهم، وإلحاقِ الأذى بهم، ويبتعد عن ظلمِه لنفسِه، بمعصيتِه لخالقِه، وخاصّة ما يتساهلُ فيه بعضُ النّاسِ من صغائرِ الذُّنوبِ؛ ومحقرات المعاصي، عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  من الْمُوبِقَاتِ، يَعْنِى بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ، كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ فَجَاءَ هذَا بِعُودٍ وَجَاءَ هذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ» مسند أحمد.
وكما أنّ المعاصيَ تعظُمُ في الأشهرِ الحرمِ؛ فكذلك الحسناتُ والطّاعاتُ تعظُمُ وتُضاعفُ في هذه الأشهر؛ فالتّقرّبُ إلى اللهِ عزّ وجلّ بالطّاعةِ في الشّهرِ الحرامِ أفضلُ وأحبُّ إليه سبحانه من التّعبُّدِ في سائرِ الأيّامِ؛ كما قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: «وجعل الذنب فيهنّ أعظم، والعمل الصّالح والأجر أعظم».
فيستحبُّ للمسلمِ في هذه الأشّهر الإكثارُ والمواظبةُ على نوافلِ الطّاعاتِ؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وصدقاتٍ، وغيرِها من القرباتِ، والأعمالِ الفاضلاتِ؛ مع المحافظةِ على الفرائضِ والواجباتِ وسائر الطّاعاتِ.
وأضاف: أحبابي القرّاء... نحن الآن في شهر رَجَب، وهو شهرٌ عظيم عند الله من الأشهرُ الحُرم، ويسمّى رجب الفرد لأنه لم يتصل بباقي الأشهر الحُرم التي ذكرها اللهُ تعالى في الآية الكريمة وهي مُحرَّم، وذو الحجَّة، وذو القعدة.. وهذا الشهر إختاره الله أن يكون فيه إسراء النبي صلى الله عليه وسلم  ومعراجه في ليلة السابع والعشرين من رجب، حيث أكرم الله الرسول صلى الله عليه وسلم  برحلة أرضية من مكة المكرمة إلى القدس الشريف، ومنه في رحلة المعراج إلى السماوات العلى، فرض فيها على الأمة الإسلامية الصلوات الخمس، ويسمّى هذا الشهر الكريم رجب الأصّم لأن السيوف تهدأ به لأن القتال فيه حرام إلّا الدفاع عن النفس، وهذا الشهر هو تحضير لشهر رمضان المبارك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم  إِذَا دخل رَجَبٍ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ، وفي ذلك استعداد لشهر رمضان وتحضير روحي له... وهذه فرصة نذّكر المسلمين الذين عليهم قضاء أيام شهر رمضان الماضي أن يسارعوا في قضاء أيامهم في هذا الشهر المبارك الفضيل قبل مجيء رمضان، نسأل الله تعالى أن يجعل هذا الشهر شهر نصر وتفريج الكروب وتفريح القلوب، إنه على كل شيء قدير.

مزوق

في حين قال رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق: قال أحد السلف الصالح: رجب شهر الزرع وشعبان شهر السقي وشهر رمضان شهر الحصاد، وعلى المسلم أن يستعدّ لشهر رمضان بالتوبة إلى الله أولا وهذا مطلوب في كل يوم بل في كل لحظة، ولكن نحثّ العباد بالتوبة أكثر في هذه الأوقات المباركة لأن الناس يسألون: ماذا نفعل قبل شهر رمضان؟ فعلينا أن نستثمر إقبال الناس بأن يعودوا إلى الله عزّ وجلّ وهو القائل {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفرحون}.
فشهر رجب هو شهر من الأشهر الحرم لأن أشهر الحرم أربعة أشهر، شهر فرد وهو رجب وثلاثة أشهر سرد وهم: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، وكان القتال محرّم في هذه الأشهر ثم نسخ رفع حكم التحريم (أي أصبح مبهم) ولكن بقيت في هذه الأشهر خصوصية ألا وهي مضاعفة أجر العبادة والعقوبة أعظم بحق مرتكبي المعاصي. وتابع قائلا: فها نحن الآن في شهر رجب، في شهر عظيم ومبارك، العبادة فيه أجر مضاعف فحريّ بنا أن نكثر من الصلاة والصيام والصدقة والتسبيح والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم  وسائر الطاعات من برّ الوالدين وصلة الرحم وذلك بعد أداء ديون الله أي قضاء ما علينا من صيام وقضاء الصلوات وإيتاء الزكاة، ولا بد أن نشير إلى أهمية الصدقة في هذه الأيام الباردة حيث يوجد أناس لا مأوى لهم أو ربما وجدوا المأوى لكن لا توجد وسيلة للتدفأة أو وجدت وسيلة التدفأة ولكن لم توجد مادة الوقود من مازوت وغاز لارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش.
واختتم قائلا: لا ننسى اخواننا في فلسطين، في الآقصى وفي غزة بهذا الشهر المبارك من الدعاء خاصة عند الافطار حيث الدعاء مستجاب و عند صلاتنا في قيام الليل في جوف الليل خاصة في السجود وايضا لا نقصر في إرسال الأموال لاخواننا المجاهدين حيث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: من جهّز غازيا فقد غزى.