24 تشرين الثاني 2017 12:05ص
الدعاة مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف: لنجدد العهد بالرجوع إلى الله ورسوله عملاً وقولاً وفكراً
يعتبر المولد النبوي الشريف ميلاد سيّد الخلق محمّد صلى الله عليه وسلم ويوم مولده من أهم الأعياد التي يحتفل بها المسلمون في العالم، ويحتفل المسلمون ليس باعتباره عيداً بل يعتبر فرحاً بمولد النبي محمّد صلى الله عليه وسلم .
فقد بعث الله رسولنا الكريم للناس كافة لإخراجهم من الظلمات إلى النور ويكون هداية ورحمة للبشر وقد حمل الرسالة السماوية كاملة وكان هو خاتم الانبياء والمرسلين وخاتمة للرسالات السماوية وقد اتم الله بهذه الرسالة الأديان ومكارم الأخلاق.
ويعتبر المولد النبوي الشريف من الأيام التي نستذكر بها صفات اشرف المرسلين واشرف الخلق سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم النبي الهادي للأمة والذي بعثه الله برسالة الإسلام ليمحو التخلف والجهل وينبذ الكفر والشرك الذي يعيشه النّاس قبل الإسلام، فعند ولادة النبي كان هناك بدء لعهد جديد وتمهيد لنزول الرسالة لكافة النّاس فهي الرسالة السماوية الخالدة رسالة الإسلام.
وعلينا في ذكرى المولد النبوي الشريف ان نتخذ هذا اليوم كيوم تذكير برسالة الرسول الكريم وما جاء به للبشرية لإخراجها من الظلمات إلى النور عبر دين الإسلام ودعوة النّاس إلى الحق والبعد عن الباطل.
ماذا يتحدث العلماء في مولد خلق النّاس هذا ما سنعرضه في تحقيقنا التالي:
مزوق
{ رئيس دائرة الفتاوى الشيخ وسيم مزوق قال: الحمد الله الذي جعلنا من أمة سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم الذي بعث رحمة للعالمين، أرسله الله للناس كافة برسالة حنيفية سمحة قائمة على العدل والمحبة والتسامح والوسطية، بعثه الله بشريعة غراء بينة واضحة جلية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وفي ذكرى ولادة الحبيب صلى الله عليه وسلم لا يسعنا إلا أن نتكلم عن النور الذي جاء به منذ ولادته، فمن المبشرات بنبوة نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم أنه عندما حملت به أمه رأت في منامها أنه خرج منها نور بلغ الشام، عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك، قال: (دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام). رواه ابن إسحاق والطبري والحاكم، وروى الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ورأت أمي في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام)، أخرج البيهقي والطبراني وأبو نعيم وأبن عساكر عن عثمان بن أبي العاص قال: حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ولدته، قالت: فما شيء أنظر إليه في البيت إلا نور! وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى أني لأقول ليقعن علي، فلما وضعت خرج منها نور أضاء له البيت والدار، حتى جعلت لا أرى إلا نورا، وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن فاطمة بنت عبد الله قالت: (حضرت ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيت البيت حين وضع قد امتلأ نورا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننت أنها ستقع علي...)، وقال الإمام الرازي رحمه الله تعالى عند تفسير هذه الآية الكريمة {قد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبينٌ} «وفيه أقوال: الأول: أن المراد بالنور محمّد، وبالكتاب القرآن...»، فهو صلى الله عليه وسلم نور وشريعته نور والإسلام هو الدين الحق كلّه نور وهديه ومنهجه صلى الله عليه وسلم نور.
واضاف: نحن اليوم بأمس الحاجة إلى هذا النور لأننا في زمن الظلمات والضلالات والجهالة حيث يريد البعض ممن يدعي الانفتاح والفكر التجديدي إخراج النّاس من النور إلى الظلمات عندما يقولون الحجاب عادة وليس بعبادة وغير ذلك ويحرفون في تفسير الآيات القرآنية، ويأتي ضال آخر، يريد أن يشرع الزواج المدني وهو يدعي أنه مسلم ومن أتباع سيدنا محمّد عليه الصلاة والسلام، ففي ذكرى المولد يجب أن نتمسك بالعلماء الربانيين الصادقين ورثة الأنبياء الذين يظهرون الحق ويدحضون الباطل ويبينون الأحكام الشرعية ويردون على الشبهات ويخرجون النّاس من الظلمات إلى النور، فهم حصّن الدفاع الأول عن الأمة، بمعتقداتها وشرائعها، ولن تنهض الأمم إلا بالعلماء قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير أولي الأمر منكم: (يعني أهل الفقه والدين وأهل الله الذين يعلمون النّاس معاني دينهم، ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، فأوجب الله طاعتهم على عباده) (تفسير الطبري)، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينزعه من العلماء ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ النّاس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» (البخاري).
وتابع قائلاً: في ذكرى المولد نتوجه إلى غير المسلمين برسالة الحب والسلام والتسامح وندعوهم إلى دين الإسلام قولاً وفعلاً وأخلاقاً، قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}، لا يوجد دين اسمه دين المحبة ولكن يوجد دين الإسلام جاء به كل الأنبياء والرسل وهو قائم على الحب والمحبة والإحسان ولكن ليس على حساب عقيدة التوحيد وليس بالذوبان بالآخر، قال تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}، هذا ديننا علينا أن نبلغه إلى النّاس دون إكراه.
وختم قائلاً: في ذكرى المولد علينا أن نفتخر أننا من أتباع سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم ونفرح بذلك وننشر سنته وهديه ونقوم بإحيائها، فكم من سنن مهجورة في حياتنا؟ هل نستخدم السواك؟ هل نصلي الضحى؟ هل نقوم بإفشاء السلام على من نعرف ومن لا نعرف؟ هل نبتسم؟ قال صلى الله عليه وسلم لبلاد بن الحارث رضي الله عنه: «من أحيا سُنة من سنني قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار النّاس شيئاً» رواه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث رضي الله عنه: «من أحيا سُنة من سُنن قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار النّاس شيئاً» رواه الترمذي.
الخانجي
{ أما الشيخ محمّد الخانجي فقال: مرّت بالبشرية أزمات غابت فيها الشرائع الإلهية، والضوابط الأخلاقية والثوابت الشرعية، وضعف منطق العقل، فازداد الفقير فقراً، والضعيف ضعفاً، كما ازداد الغني غنى، ولم يعد يسمع في الأرض إلا منطق المخلب والناب، كان ذلك كلّه في الفترة التي سبقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .
وبدا واضحاً أن الأرض كلها فقدت ربانها، وغاب النور الذي يهدي، والحادي الذي يرشد إلى سواء السبيل، وباتت البشرية تنشد خلاصها، وتنظر منقذها، إلى أن أذن الله للأرض بالسعادة، وللبشرية بالخلاص، فبعث إليها النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ، فكانت بعثته فتحاً للأرض كلها، ببسط العدل ونشر النور، وتحرير الإنسان من تبعية الإنسان جاء ليقول: لا إله الله، ولا معبود سواه، فلا تعبدوا الشمس ولا القمر، ولا الصنم ولا الحجر، ولا النجم ولا الشجر، واعبدوا الله الذي خلقها وخلق كل شيء.
واضاف: النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيّد الخلق وحبيب الحق، يقول الله سبحانه وتعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} [سورة الأحزاب: 21]، كيف يكون النبي أسوة حسنة إن لم نعرف سيرته، كيف كان في بيته ومع أهله وأولاده ومع جيرانه ومع إخوانه، وكيف كان مع أعدائه، وفي حضره وسفره، في سلمه وحربه، في حزنه وفرحه، يجب أن نعلم علم اليقين أن معرفة سنة النبي القولية والعملية فرض عين على كل مسلم، نحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن نقرأ سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، كي نعرف من هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لننهل من معين حبه ونهجه، ودعوته.
وختم قائلاً: في مناسبة ولادة صاحب الذكرى، وجب علينا أن نجدد العهد، والبيعة والتوبة والأوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وأن نقتدي بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم امتثالاً لأوامره واتباعاً لتعاليمه، وسيراً على مناهجه حتى نحقق خيريتنا على ظهر الأرض فلن تتحقق خيريتنا على ظهر الأرض إلا باتباع تعاليمه، والاقتداء بهديه والتعطير بسيرته العطرة التي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نقتدي به فيها.
البدوي
{ بدوره قال الشيخ أحمد رجب البدوي: نحن نلتقي من جديد بمقالة فريدة عبر جريدة «اللـــــواء» الباسلة في ذكرى مولد رسول الله محمّد صلى الله عليه وسلم حارا العلماء واختلفوا في تحديد تاريخ مولد رسول الله محمّد صلى الله عليه وسلم .
وقد وقفنا على أقوال كثيرة في ذلك ولكن المشهور عند الجمهور، انه في ثاني عشر ربيع الأول عام الفيل، قال ابن كثير - رحمه الله -:
وقيل: لثنتي عشرة خلت منه، نص عليه ابن إسحاق، ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفة» عن عفان عن سعيد بن ميناء عن جابر وابن عباس أنهما قالا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وفيه بعث، وفيه عرج به إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات، وهذا هو، والله أعلم، «السيرة النبوية» (1/199).
وقيل: ولد في رمضان، وقيل في صف، وقيل غير ذلك.
اما اليوم الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم فهو يوم الاثنين، ففيه ولد صلى الله عليه وسلم ، وفيه بُعث، وفيه توفي.
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: (سُئل صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت - أو أنزل علي فيه) رواه مسلم (1162).
فكان يوم الاثنين من الثاني عشر من ربيع الأوّل من عام الفيل يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله في حقه {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء: 107).
وتابع: فكانت رسالته صلى الله عليه وسلم عامة شاملة مليئة بالعطف والحنان والحب والاخلاص والمسامحة والاخلاق العالية الرفيعة السامية، والصفات الراقية، فكان صلى الله عليه وسلم : حليما صابراً، عالماً موجهاً، قائداً حكيماً، بشيراً ونذيراً، داعياً إلى الله وسراجاً منيراً.
عاش الحبيب صلى الله عليه وسلم حياة زرع فيها الحب بعد انتشار الكراهية، ملأ فيها العدل بعد بلوغ الطغيان ما بلغ.
كان محبوباً من أصحابه كما اعدائه حتى لقب الصادق الأمين.
رسولكم يا أمة محمّد هو خاتم النبيين وامام المرسلين وحبيب رب العالمين، وهو صاحب المنزلة المرموقة والوسيلة الخاصة والمقام المحمود الذي لا ينبغي الا لرسول الله محمّد صلى الله عليه وسلم .
فمكانة الحبيب صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى وملائكته وجميع خلقه: ان الله رفع شأنه وصلى عليه وملائكته وامرنا بذلك بقوله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (الأحزاب 56).
الا ينبغي ان نحتفي به ونذكر سيرته ونعلم ابناءنا وبناتنا حب الله وحبه خاصة وانه طريقنا إلى الله تعالى يقول تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم} (آل عمران 31).
وختم: امام هذه الخلاصة عن مكانة الحبيب صلى الله عليه وسلم الا ينبغي ان تحتفي وبه ونفرح به ونزرع حب الله وحبه في قلوب ابنائنا وبناتنا؟ فلا يهمنا ما يطالعنا من اقول من هنا أو هناك، تحاول التغرير والتشكيك بمحبتنا واتباعه حتى نلقى ربنا وهو عنا راضٍ.