الزكاة على ذهب المرأة
* هل على حلي المرأة زكاة وكيف يكون؟
سمية شمس الدين- بيروت
- يذهب جمهور الصحابة والفقهاء بعدم وجوب الزكاة في الحلى المعد للاستعمال والزينة لا للرصد والنماء. لأن هذا القول مع استفاضة أدلته وخصوصيتها يتفق مع الأصل العام في تشريع الزكاة وهو وجوبها في كل مال نام بالفعل. أو الذي من شأنه أن ينمي كالنقود فهو مال قابل لأن ينمي بل يجب أن ينمي ولا يكنز حتى لا يستحق صاحبه العذاب بخلاف الحلي المباح للمرأة المعتاد لمثلها فإنه زينة ومتاع شخصي لها يشبع حاجة من حوائجها التي فطرها الله عليها وهي الرغبة في التزين والتجمل والتمتع. وقد راعي الإسلام هذه الحاجة الفطرية فأباح لها من ذلك ما حرم على الرجال من الذهب والفضة. وإذن يكون الحلى للمرأة كالثياب الأنيقة والأثاث الفاخر وألوان الزينات والأمتعة الرائعة التي تقتنيها في البيت مما ليس محرماً عليها: بل يكون حلى الذهب والفضة هنا كحلى الجواهر واللآلئ والأحجار الكريمة التي تلبسها وتتحلى بها وقد أباحها الله بنص القرآن وهذه اللآلئ والجواهر الغالية معفاة من وجود الزكاة بإجماع الأئمة مع أنها مال عظيم له قيمة كبيرة. ولقد قرر فقهاء الحنفية أنفسهم الموجبون لزكاة في الحلى أن سبب وجوب الزكاة هو: ملك مال مرصد للنماء والزيادة فاضل عن الحاجة. فهل ينطبق هذا علي حلى المرأة المباح وهو ليس مرصداً للنماء والزيادة ولا فاضلاً ما دام مستعملاً في حدود القدر المعتاد لمثلها.
على أن النصوص التي أوجبت الزكاة في الفضة والذهب إنما لاحظت فيها اعتبار الثمينة. ولهذا عبرت عن الفضة بالورق والرقة وهي النقود الفضية وعبرت عن الذهب بالدنانير وهي النقود الذهبية حتى الآية الكريمة التي تقول «والذين يكنزون الذهب والفضة» الآية يدل ذكر الكنز والإنفاق فيها على أن المراد بالذهب والفضة فيها النقود لأنها هي التي تكنز وتنفق أما الحلى المعتاد المستعمل فلا يعتبر كنزاً كما أنه ليس معداً للإنفاق بطبيعته.
أما ما اتخذ من الحلى مادة للكنز والادخار واعتبره أصحابه بمنزلة الدنانير المخزونة المكنوزة فمثل هذا يجب أن يزكى ولذا روي عن سعيد بن المسيب : «الحلى اذا لبس وانتفع به فلا زكاة فيه. وإذا لم يلبس ولم ينتفع به ففيه الزكاة».
وقال النووي: قال أصحابنا لو اتخذ حلياً لم يقصد به استعمالاً محرماً ولا مكروهاً ولا مباحًا بل قصد كنزه واقتناؤه فالمذهب الصحيح وجوب الزكاة فيه.. وبه قطع الجمهوري.
وما بلغ من الحلى حد السرف ومجاوزة المعتاد يجب أن يزكى: وذلك أن وجه إسقاط الزكاة عن الحلى مع أنه مادة النقدين هو أن الشريعة أباحت. والله تعالى أعلم.