عبدالمنعم عوض الله*
من الحقائق المؤكّدة وغني عن البيان والكلام أن تعاليم الدين الإسلامي تنظم للناس طرق الحياة وتعتني بمعايش الناس وتبيّن التعاون فيما بينهم وتنظم ملكية المال بحيث لا يكون المال أداة الطغيان ولا مصدر للإنفلات بل جعل الناس جميعا فيه متساوين من ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «رحم الله رجلا سمحاً إذا باع سمحا إذا اشترى سمحا إذا قضى أو اقتضى» وهذا حديث جامع لأنواع المعاملة بين الناس التي ترتكز عليه الحياة الاقتصادية.
هذا الحديث الذي يشعُّ نوراً وفيه هدى ورحمة للعالمين يبيّن ويوضح طرق السعادة ويضع المنهاج العادل والقانون السمح والدستور الأوحد الذي لو سار الناس عليه في معاملاتهم لما بقي على الأرض ظلم ولا طغيان وعاشوا أخوة متحابين متعاونين تظلّهم راية العدل والأمان والإخاء والسلام في مجتمع لطيف متماسك لا بغضاء ولا شحناء ولا خصام ولا عداء.
فالمعاملة اختيار دقيق لشخصية المرء تظهره على حقيقته وتكشف ظاهره وباطنه.
من سماحة البائع أن يكون مبتسما للمشتري واسع الصدر حسن اللقاء لا يبالغ في طلب الربح ولا يكثر المساومة ولا يدلس ولا يخدع ولا يحتكر ولا يكثر المساومة ولا يغش ولا يطفف في الكيل ولا في الميزان.
قال تعالى: {ويل للمطففين} وقال الرسول عليه الصلاة والسلام «من غشّنا فليس منا» ومن سماحة البائع أن لا يحبس السلعة التي يحتاج إليها الناس ليرتفع ثمنها لأن المحتكر ملعون ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم من تدخّل في شيء من أسعار المسلمين ليغلّيه عليهم كان حقا على الله أن يعقده بعظم من النار يوم القيامة أي بمكان عظيم منها.
أما سماحة المشتري تظهر في ترك الأخذ والرد وإرهاق البائع بكثرة المساومة وبخس السلع ولا تبخسوا الناس أشياءهم.. ما أجمل سماحة البائع وسماحة المشتري ما أحسن وأبدع سماحة البائع وسماحة المشتري.
والسماحة ففي اقتضاء الدين أي بطلب ماله برفق ولين فلا يقسوا على الدين ويهدر كرامته ومطالبته أمام الناس وإن كان ما عليه الدين معسراً فيرجع بقوله تعالى {وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} أما السماحة في القضاء أن يؤدّي الإنسان ما عليه بلين وسهولة فهذا دليل صادق على حسن الإيمان واتباع الحق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن خيركم أحسنكم قضاء.
فعلينا أن نحسن المعاملة ولا نظلم أحداً وأن نؤدّي الحقوق كاملة غير منقوصة لتنال رضا الله ومحبته.. هذا وبالله التوفيق.
* من علماء الأزهر الشريف